المغاربةُ لا يجدون أنفسهم سعداء في الحياة، قياسًا بباقِي شعُوب الأرض، ذاك ما يستشفُّ من تقرير حديث أصدرتهُ منظمتَا "غالوبْ" و"هيلثْ وايْزْ"، إذْ تبوأ المغربُ المرتبة المائة والخمسة عشرة، منْ أصل 145 بلدًا جرى قياسُ الانشراح في نفُوس مواطنِيه. واستندَ التقرير في قياس السعادة لدَى كلِّ دولةٍ على حدة، إلى خمسة معايير، تبتدئُ بالأهداف المسطرة لدى مواطنيها، وما إذَا كانُوا قادرين على تحقيقها، إضافةً إلى الجانب الاجتماعِي في حياة الفرد، ووضعيَّته الماليَّة التي تؤشرُ على الاستقرار، وعلاقته بالوسط الذِي يعيشُ فيه، وكذَا حالته الصحيَّة، باعتبار الصحَّة مقومًا رئيسيًّا للشعُور بالسعادَة. التقرير الدولي أظهر أنَّ قلة من المغاربة تتمكنُ من بلوغ مراميها في الحياة، إذْ حلَّ المغرب في المؤشر الفرعِي لتحقيق الأهداف في المرتبة 137 عالميًّا، حتى وإن كان المغاربة في وضعٍ صحي جيد، رغم ما سجل لديهم من استياء إزاء الوسط الذِي يعيشُون به والجانب الاجتماعِي في حياتهم. وينبه التقرير إلى أنَّ على حكومات العالم أنْ تنتبه إلى سعادة مواطنيها، وتشتغلُ على تحسين الجوانب التي تنغصُ راحتهم، على اعتبار أنَّ المؤشر الدولي يقدمُ صورة عن النقائص والعثرات، فضْلًا عن كون إسعاد المواطنين من واجبات الدُّول، يردفُ التقرير ذاته. أمَّا الشعوب الاسكندنافيَّة التي ألفت تصدر شعوب العالم في مؤشر السعادة، فتوارت عن المقدمة، برسم التقرير الجديد، بعدما آلتْ المرتبة الأولى لبنمَا، متبوعة بدولتين من أمريكا هما كوستاريكا وبويرتُوا ريكُو، في الوقت الذِي جاءت سويسرا في المرتبة الثالثة، والدانمارك في المركز السَّابع. أمَّا أكثرُ شعبٍ يكابدُ الضنك في العالم فهم الأفغان الذِين تذيلُوا القائمة بحلولهم في المركز المائة والخمسة والأربعين، في حين شكلتْ تُونس مفاجأة، لهذا العام، بورودها بين أقل عشرة شعوب سعادة في العالم، بمجيئها في المرتبة المائة والحادية والأربعِين. ومن الأمور التي يكشفها التقرير، أنَّ وضعيَّة الأفراد، على المستوَى المالي والاجتماعِي، ليستْ محددًا حاسمًا في الشعور بالسعادة وإن كانت جدَّ مؤثرة، ذلك أنَّ دولًا كثيرة تعرفُ بتدني المداخيل تبوأت مراتب متقدمة مثل المكسيك وكولومبيا وميانمار. حتى أنَّ اليابانيِّين مثلا كانُوا أقلَّ سعادةً من سكان النيال واليمن والبلارُوس وجمايكَا. في غضون ذلك، كان الإماراتيُّون أسعد العرب، وفق ما خلص إليه التقرير، من خلال حلولهم في المرتبة الحاديَة والعشرين عالميًّا، متبوعِين بالسُّعوديين، والبحرينيِّين، في الوقت الذي جاء الفلسطينيُّون أكثر سعادةً من المغاربة، بتبوُّئهم المركز المائة والثانِي عشر.