مرة أخرى يخون فيها حامي الدين عبد العالي صفته الأكاديمية ويكتب مقالا صحفيا، ولعله أذمن هذه الخيانة، و يعود ليطلق العنان لتناقضاته السياسية التي تعبر عن فصام تعيشه جل نخبة حزب العدالة والتنمية، بفعل احترافها لنفاق سياسي كان دائما يوهم قواعد الحزب وجزء من الرأي العام على أنها نخبة حاملة لتغيير، تسميه إسلاميا( !!!) في الوقت الذي نجدها تلهث وراء المكاسب و المصالح و الملذات... ومقال حامي الذين الأخير المعنون ب" هل التحكم بصدد التحول إلى انفصال"، دليل آخر على الدور المسيء للسياسة الذي يلعبه صاحبنا وحزبه، فهو باستمرار يتهم حزب الأصالة والمعاصرة بأن وجوده و قوته يستمدها من قربه لجهات في الدولة، وهو في الوقت نفسه يتناسى أن يوجه نقذه للدولة نفسها، فلماذا يمتنع عن الإقدام بالخطوة الضرورية لينتقذ من يعتبره أصل قلقه السياسي. وإذا كنا على يقين تام، بأن آخر شيء تفاجئنا به نخبة حزب العدالة والتنمية، هو تملك الفكر والسلوك المنطقيين، فإننا مع ذلك نظل نتوسم من صاحب المقال المذكور، أن يتحلى بأبسط قواعد التحليل المنطقي، "ويترجل" وينتقد مباشرة الدولة أو الجهات التي هي ساكنة في ذهنه فقط، والتي يدعي أنها وراء حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك حتى لا يفهم أن صاحبنا إما أنه منهزم أمام جبنه في تسمية الأشياء بمسمياتها أو أنه فاقد لأصول المقارعة السياسية النظيفة والصادقة. هكذا نجد حامي الدين يتحدث دائما عن نشأة حزب الأصالة والمعاصرة، ويسيء لها بالتأويل السياسي المغرض، وكأنه يتحدث من داخل حزب خارج للتو من نصر ثوري، متناسيا ظروف نشأة حزبه وكيف جاءت ولادته من رطوبة الدهاليز المخابراتية وجبة شيوخ ظلوا دائما شؤما على الديمقراطية والديمقراطيين بالمغرب. بالرجوع إلى المقال المذكور، نجد صاحبنا يمضي، وبأسلوب متعالم، ويتحدث عن وظيفة الحزب السياسي، حاصرا إياها في "إقناع المواطنين بالمشروع السياسي وبرنامجه الإنتخابي"، ويرفض بشكل واضح أن تصل هذه الوظيفة إلى مستوى نقذ وكشف الممارسات السائدة في الواقع، واستنكار مظاهر الفساد والإنحراف الإداري والسياسي التي قد تعلق به. فإلى جانب تحديده وظيفة الحزب السياسي ضمن هذه الحدود الضيقة، والتي تنم عن جهل أو تجاهل من طرف صاحبنا بأدوار ووظائف الحزب الديمقراطي، فإنه في الحقيقة تحديد يكشف بوضوح النزعة السلطوية الدفينة في وعي وخطاب العدالة والتنمية الذي يتربص الفرص، ليفرض إسقاطاته المقيتة على المختلفين معه، كيف يفكرون؟ وماذا يقولون؟ وماذا يفعلون؟ وإذا كان حامي الدين يريد أن يقنعنا بأنه مناضل مدافع عن الديمقراطية من موقع الحكومة، فلا بأس في ذلك ، لأننا لا ننكر بإمكانية و جود ديمقراطيون حتى في الأحزاب السلطوية والشمولية، لكن الذي يجعل صاحبنا بعيدا عن مواصفات الديمقراطي، هو أنه لا يتجرأ وينتقد الحزب الذي يملك السلطة الحكومية والقرار السياسي، إنه لا يملك شجاعة النقذ الذاتي ولا شجاعة نقذ الجهات النافذة مؤسساتيا، ويختبأ وراء تنميق جبنه بإنشاءات ضد المعارضة سواء السياسية منها أو الثقافية. هكذا ستظل الخلفيات الإديولوجية والتمثلاث السلطوية والتوهمات السياسية، حاجزا يمنع صاحبنا من رؤية حزب الصالة والمعاصرة كحزب ديمقراطي مؤمن بالعمل المؤسساتي وتحت سلطة المشروعية والقانون بمرجعية إصلاحية تحترم التاريخ، عمادها مناضلات ومناضلون يعشقون الشمس ووضوح النهار وانسجام الرؤية والفعل. إنه حزب على وعي تام بأهمية التفاعل الإيجابي والتعاون البناء مع كل مؤسسات الدولة وتعبيرات المجتمع التي أنتجها تاريخ المغرب لإستكمال التحول الديمقراطي، و لأن هذا الأخير هو المبتدأ والمبتغى لدى مناضلات ومناضلي حزب الصالة والمعاصرة، فهم يفتحون صدرهم لكل من ينشد دولة القانون والمؤسسات والعدالة الإجتماعية كحلم وكأفق، وهم دون شك كثر داخل الدولة كما في المجتمع المغربيين.