يبدو أن المشهد السياسي المغربي مُقبل على مواجهة جديدة بين حزبي العدالة والتنمية الذي يسير الحكومة والأصالة والمعاصرة الذي يقود المعارضة، فبعد الجلسة "الصاخبة" لمجلس المستشارين يوم الجمعة الماضي التي عرفت انسحاب فريق "البام" بسبب ما اعتبره تهجما من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عليه، وبعد "العاصفة" التي شهدتها لجنة العدل والتشريع أمس الثلاثاء، بعد وصف النائبة عن الأصالة والمعاصرة خديجة الرويسي لبنكيران والخطيب بالقتلة، دعا عبد العلي حامي الدين أستاذ العلوم السياسية وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في مقالة نُشرت اليوم بإحدى الجرائد اليومية، حزب الأصالة والمعاصرة إلى القيام بنقد ذاتي حقيقي وتطهير صفوفه من بعض الأشخاص الذين طبعوا مساره السياسي "بأسلوب المافيات"، حتى يتخلص مما اعتبره حامي الدين العقدة التي تلاحقه منذ نشأته وستظل تلاحقه "مادام لم يُحدث القطيعة الضرورية بين مسار النشأة ومستلزمات الاندماج في مرحلة الربيع العربي". واعتبر حامي الدين في المقالة نفسها، أن تجربة حزب الأصالة والمعاصرة لم تكن صادرة عن رؤية فكرية صلبة، يمكن أن تُحاكم على أساسها، ولا تتوفر على مرجعية سياسية تحكم سلوكها السياسي، موضحا أن عددا من الديمقراطيين كانت لديهم تخوفات عقب انتخابات 2009 بأن حزب "البام" يمثل خطورة على مستقبل الديمقراطية في المغرب. هذه التخوفات حسب القيادي الحزبي المذكور ليست نابعة من قوة للأصالة والمعاصرة على المستوى الميداني، ولكنها نابعة من كونه يمثل تحالفا هجينا بين من وصفه حامي الدين بمبعوث الدولة إلى الحقل الحزبي في إشارة واضحة للمستشار الملكي فؤاد عالي الهمة ، وبين جزء من اليسار المتشبع بثقافة انتهازية واضحة، وبثقافة الإقصاء، وبين جزء من أصحاب الأموال والأعيان. وعاد حامي الدين في مقالته إلى بداية نشأة حزب الأصالة والمعاصرة، مبرزا أنها كانت نشأة غير طبيعية، اندرجت في سياق محاولة للهيمنة على المشهد الحزبي ومواجهة العدالة والتنمية بالدرجة الأولى، خاتما بالتأكيد على أن الأسلوب الذي قام عليه "البام" انتهى و"تركناه وراءنا بعد رياح الربيع العربي.