الاستقرارُ السياسيُّ والأمنيُّ الذِي يحسبهُ المغرب إحدى أوراقه الرَّابحَة، في خضم الفوضى الحاصلة، لمْ يعن المملكة على تبوئ مرتبة متقدمة في مؤشر السَّلام العالمِي، بحيث جاء المغرب في المركز السَّادس والثمانين دوليًّا، والسَّابع على مستوى العالم العربِي، حسب أحدث تصنيف. ووفقًا للتصنيف الذِي شمل 162 بلدًا حول العالم، فإنَّ المغرب يحلُّ الثَّانِي على مستوى المنطقة المغاربيَّة، فيما استطاعتْ تُونس أنْ تكُون الأولى في شمال إفريقيا، بالرُّغم منْ تبعات الثورة التي أطاحت فيها بنظام بنْ علي، وتوالِي التوترات السياسيَّة بها، وتعرضهَا لهجومٍ إرهابِي، استهدف متحف باردُو في العاصمة. وبحلُول المغرب في المرتبة السَّادسة والثمانين، برسم هذا العام، يكُون قدْ تراجع في التصنيف، قياسًا بالسنة الماضية، التي حلَّ إبانها في المركز الثَّانِي والستين، بينما كان السَّلام أكثر مواجهة للتهديدات بالجارة الجزائر التي حلَّت في المركز ال104 دوليًّا. في غضُون ذلك، كانت سوريَا أكثر بلدٍ يفتقرُ إلى السلام في العالم، يردفُ معهد الاقتصاد والسلام، بسبب توالِي الصراع بين نظام بشَّار الاسد والمعارضة إلى جانب العشرات من التنظيمات المتشددة، أبرزها تنظيم "الدولة الإسلاميَّة" "والنصرة"، فيما لمْ يكن العراق، الذِي انزلقتْ أوضاعه بعد الغزو الأمريكي سنة 2003، أفضل حالًا، فحلَّ في المرتبة ما قبل الأخِيرة. ويرصدُ المؤشر الدولي تناميًا في وتيرة العنف حول العالم، حتَّى أنَّ مائة وثمانين ألف شخص لقُوا حتفهم، السنة الماضية، بسبب النزاعات المسلحة، أيْ ما يعادلُ ثلاثة أضعاف ونصف منْ قتلُوا سنة 2009، على أنَّ العنف كبدَ العالم فاتورة باهظة وصلت إلى 14.3 مليار دُولار خلال العام الماضي، أيْ ما يربُو على 13.4 من الناتج الخام للعالم. ويقدرُ المؤشر الدولِي ارتفاعًا في فاتورة "العنفْ" لدى المغرب، الذِي أنفقَ 12.5 مليار دُولار، حتى وإنْ كان الجزائر قدْ صرفتْ أكثر من ذلك بكثير، بإنفاقها 45.5 مليار دُولار، العام الماضي، متقدمة بذلك على دُول مثل تركيا. أمَّا أكثر دُول العالم التي ترفلُ في السلام، فتصدرتها إيسلندا التي حلَّت الأولى، متبوعةً متبوعة بكلٍّ من الدانمارك والنمسا، إضافة إلى سويسرا وفنلندا، في الوقت الذِي جاءتْ إسبانيا، التي لا يزالُ المغرب مرتبطًا معاه بأكثر من ملفِّ شائك، في مرتبة متقدمة بمؤشر السلام، إثر حلولها في المركز الحادي والعشرين عالميًّا، متقدمة بذلك على بريطانيا وفرنسا. ويستندُ معهد الاقتصاد والسَّلام في قياس مؤشر السلام بكلِّ بلدٍ على حدة إلى عناصر عدَّة، من بينها التسلح، ودرجة سريان المخاوف، إضافة إلى مدى مساهمة البلد المشمُول بالدراسة في البعثات التي تتولى حفظ السلم، ببؤر التوتر حول العالم.