كشفت معطيات حديثة للمقررة الأممية المعنية بالاتجار بالبشر، عن معطيات صادمة تهم هذا الصنف في التجارة غير المشروعة عالميا، مبرزة أنه "لا يوجد بلد أو إقليم خال من هذه الجريمة، وخصوصا في البلدان الفقيرة المنتمية إلى العالم الثالث". ويشير تقرير ماريا غراتسيا غيامارينارو، خلال الدورة التاسعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف السويسرية، إلى أن الاتجار بالبشر، وخاصة الأطفال والنساء، جريمة مربحة تدر ما يعادل 150,2 مليار دولار من الأرباح غير المشروعة سنويا على الشبكات العاملة بها. وفي توضيحاتها للعلاقة بين الهجرة والاتجار في البشر، أشارت المقررة الأممية إلى "أنه لا يدخل ضمن ضحايا الاتجار تدفقات الهجرة المختلطة، كأشخاص متاجر بهم مباشرة"، مضيفة "إنما قد يصبحون كذلك أثناء الرحلة، أو عندما يصلون بلد العبور أو المقصد". وأورد التقرير ذاته أن الأطفال يشكلون غالبية المتاجر بهم، وخصوصا في إفريقيا والشرق الأوسط، مردفا أنه "يتم استغلال هؤلاء الأطفال جنسيا في البغاء، وإنتاج المواد الإباحية، وكذا التسول القسري المنظم، ولأغراض الرق المنزلي في البيوت. ورغم أن التقرير لم يتطرق لجريمة الاتجار في البشر داخل المملكة المغربية، عكس العديد من الدول، إلا أن الرباط سارعت قبل أشهر عدة إلى إحداث لجنة فرعية، أوكل إليها إعداد مشروع قانون حول ظاهرة الاتجار بالبشر، وصادقت عليه الحكومة خلال ماي الماضي. المشروع الذي صادقت عليه الحكومة بإعداد مشترك بين الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج، والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، جاء حسب البعثة المغربية في جنيف لسد الفراغ القانوني الذي تعرفه الظاهرة، وفي إطار تنفيذ التوصيات الصادرة عن المقررة الخاصة بالاتجار بالبشر. ويعد المغرب من الدول القلائل التي أعدت مشروع قانون في هذا المجال، بحيث إن غالبية الدول التي جرمت الاتجار بالبشر ضمنته في قوانين متعلقة بالهجرة، أو ضمن مواد القانون الجنائي. وحسب مشروع القانون الذي أحيل على البرلمان المغربي، فإن هناك عقوبات قاسية تصل حد الحرمان من الحريّة لثلاثين سنة، وغرامة مالية بقيمة مالية من مليار سنتيم، تنتظر المتاجرين بالبشر في المغرب. وعرف المغرب الاتجار بالبشر بأنه "كل ما يتعلق بتجنيد شخص، أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله، أو الوساطة في ذلك"، رابطا ذلك ب"استعمال التهديد بالقوة، أو مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ... ولتجاوز الآثار النفسية التي تخلفها هذه الجريمة، نصت المشروع على أن تعمد الدولة إلى توفير الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر، والعمل على توفير أماكن إيوائهم بصفة مؤقتة وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لهم، مضيفة إليهم الضحايا الأجانب. وأتاح مشروع القانون للضحايا الأجامب إمكانية بقائهم فوق التراب الوطني إلى غاية انتهاء إجراءات المحاكمات، كما منح القضاء سلطة منع المشتبه فيهم أو المتهمين من الاتصال أو الاقتراب من ضحايا الاتجار بالبشر.