يشنّ مجموعة من الطلبة الأطباء حملة واسعة على الموقع الاجتماعي فيسبوك، للاحتجاج ضد مشروع قرار لوزير الصحة يقضي بالخدمة الإجبارية بعد تخرّجهم لمدة سنتين، معتبرين أنهم لا يرفضون العمل في المناطق النائية كما تتهمهم بعض الأوساط، بل لأن هذا المشروع الشبيه بالخدمة العسكرية لا يضمن لهم كرامتهم، في وقت كان فيه التعيين الأول، كما جرت العادة بذلك، على الدوام في المناطق النائية. الرسائل الكثيرة التي توّصلت بها هسبريس من الطلبة الأطباء، تؤكد رفضهم المطلق لهذا القرار، خاصة وأن هذه الخدمة الإجبارية لن تحتسب في مسارهم المهني ولن يتم احتسابها في التقاعد أو التقادم، كما أنهم لن يتلقوا خلالها أجرتهم كأطباء، بل مجرّد منح وتعويضات فقط لا تتجاوز ألفي درهم لكل واحد منهم حسب أقوالهم. وتابع طلبة الطب أن إنهاءهم لهذه الخدمة لا يجعلهم يضمنون عملهم بالقطاع العام رغم طول مدة دراستهم التي تصل على الأقل إلى ثماني سنوات، إذ سيكون لزامًا عليهم اجتياز مبارات التوظيف فقط عندما يتم إعلانها، متهمين وزير الصحة الحسين الوردي بفرض الخدمة الإجبارية على 1500 متخرّج سنويًا دون ضمانات، وبالتالي محاولته الاستغناء عن التوظيف بشكل نهائي. وزاد الطلبة أنه سبق لهم تأدية الخدمة الإجبارية لما كانوا في السنة السادسة والسابعة من دراستهم، إذ اشتغلوا في جلّ مصالح المستشفيات الجامعية والجهوية والإقليمية ليلًا ونهارًا كأطباء مستعجلات وأطباء عامين، فضلًا عن العمل في المراكز الصحية الحضرية والقروية، دون تأمين أو تغطية صحية أو لقاح ضد الأمراض المعدية التي قد يتعرّضون لها، ومنها مرض السل الذي يسجل المغرب 30 ألف حالة جديدة مصابة به، ومرض المينانجيت الذي أردى زميلين لهم، بتعويض مادي لم يتجاوز في السنة السابعة 900 درهم. "بهذه الخدمة الإجبارية التي يريد الوردي فرضها علينا، ستتمدد مدة تخرّج الطبيب إلى عشر سنوات والطبيب المتخصص إلى 15 عامًا. بهذا القانون غير الدستوري المخالف لقوانين منظمة العمل الدولية التي يعدّ المغرب عضوًا فيها، سيتحوّل الأطباء الجدد إلى عبيد للوزارة"، يقول أحد المتضررين من مشروع القرار الذي يعده الحسين الوردي، والذي قد يقضي بإرسالهم إلى مناطق نائية لتقديم الخدمات الطبية. وطالب طلبة الطب بتطوير إمكانيات المناطق النائية وتوفير مستشفيات كبرى لسكانها، تتضمن مختلف التخصصات وأجهزة الفحص وقاعات العمليات، بدل "إسكات سكان هذه المناطق بمستوصفات صغيرة لا توّفر وسائل الفحص والعلاج، فضلًا عن ضرورة إنهاء عطالة الأطباء المتخرّجين عبر إعلان مباريات الإدماج". وذهب أحد الطلبة الأطباء أبعد من ذلك، عندما طالب من الدولة معاملة الجميع بالمثل، وإلزام المواطنين بتقديم خدمات إجبارية كل حسب تخصصه من أجل النهوض بقطاع الصحة العمومية، ومن ذلك إلزام العاملين في مجال التشييد والبناء بترميم المراكز الصحية والمستشفيات المنسية، والعاملين في مجال الصباغة والكهرباء والسباكة بتجهيز البنية التحتية للمؤسسات الصحية وإصلاح اعطابها دون أجر، والبرلمانيين و الوزراء بالتنازل عن رواتبهم لمدة سنة في اطار الخدمة الاجبارية، حينها فقط يمكن له القبول بمشروع قرار الحسين الوردي. جدير بالذكر، أن الحسين الوردي قد كشف خلال أبريل الماضي عن هذا المشروع، مبرزًا أن الهدف منه هو الحد من التفاوت بين المناطق الحضرية والقروية في الخدمات الصحية، وقد أشارت مصادر من وزارة الصحة لهسبريس أن هذه الخطوة تهدف كذلك إلى الحد من عزوف الأطر الصحية عن العمل في المناطق النائية، بما أن "المتخرّجين الجدد يفضلون العمل وسط المدن الكبرى بسبب وجود عدد كبير من المصحات الخاصة التي يشتغل فيه عدد من هؤلاء الأطباء، خارج أوقات عملهم بالمستشفيات العمومية".