"يا أنا يا بويا عمر".. يبدو أن هذا التحدي الذي رفعه وزير الصحة، الحسين الوردي، قبل أسابيع أمام الرأي العام وداخل قبة البرلمان، بات أمرا وقعا اليوم لوقف نزيف الانتهاكات الخطيرة التي يعيشها نزلاء ضريح بويا عمر من المرضى النفسيين، حيث أعلن الوردي اليوم الخميس البدء في عملية تنقيل هؤلاء النزلاء، الذين يتجاوز عددهم 800 شخص، إلى المستشفيات والمصالح الطبية الخاصة بالطب النفسي. وجاء الإعلان عن هذه العملية، التي أطلقت عليها الوزارة الوصية اسم "مبادرة كرامة"، بغرض التكفل والعلاج المجاني لكل المرضى النفسانيين نزلاء ضريح الولي بويا عمر، المثير للجدل، عبر تخصيص غلاف مالي قدره 40 مليون درهم لاقتناء أدوية الطب النفسي وتوسيع الطاقة الاستيعابية لمستشفيات الطب النفسي، وإحداث مصالح استشفائية جديدة. العملية تعرف، وفق معطيات قدمتها وزارة الصحة، أيضا توظيف 34 طبيب و122 ممرضا متخصصا في الطب النفسي، إلى جانب توفير أزيد من 60 سيارة إسعاف، قالت الوزارة إنها ستعمل على نقل المرضى من أماكن إقامتهم بنواحي الضريح إلى المستشفيات والمصالح الصحية الواقعة في الجهات والأقاليم التي ينحدرون منها، فيما أشار الوردي إلى أن "مبادرة كرامة" تأتي بتنسيق تام مع السلطات المحلية والمنتخبين، مع اتفاقيات شراكة مع جمعيات المجتمع المدني. وكان الوردي قد كشف عن شروع وزارته في الوقوف على حل مباشر وتدريجي لما أسماها الانتهاكات الخطيرة التي تطال حوالي 822 نزيلا داخل الضريح وتهم الاستغلال البشع في حقهم بتقييدهم بالأغلال، في مشهد أثار حوله احتجاجات مطالبة بإغلاقه، موردا أن الوزارة انكبت على دراسة طالت السنة والنصف، وافقتها عملية تهيء لاستقبال النزلاء المرحلين وتوفير ظروف الملازمة النفسية والتحسيس بالعملية، بما فيها إشراك عائلات النزلاء. وكشفت الدراسة الميدانية التي أنجزتها وزارة الصحة، بشراكة مع القطاعات الحكومية وعدد من الهيئات الحقوقية، أن جميع نزلاء "بويا عمر" يعانون أمراضا واضطرابات نفسية، على أن 70% منهم لايتلقون أي علاج طبي، كما أن جلهم "تظهر عليهم علامات سوء المعاملة والتعنيف"، فيما بينت الدراسة أن عددا كبيرا منهم يعانون سوء التغذية وأمراض عضوية متنقلة، "وأن ظروف إقامتهم وعيشهم جد مزرية". وخلصت الوزارة إلى تلك الوضعية تشكل "انتهاكا صارخا" لحقوق المرضى النفسانيين المعنيين في الولوج إلى العلاج داخل المستشفيات والمصالح الطبية المختصة، و"تنافيا مع مبادئنا الدستورية والتزاماتنا الدولية في هذا المجال"، وهو الوضع الذي دفع الوزير الوردي لترديد عبارة "يا أنا يا بويا عمر"، وهو يجيب على أسئلة نواب الأمة داخل قبة البرلمان، معلنا شروعه في إيجاد حلول تهم الوضعية الصحية للمصابين بالأمراض النفسية المتواجدين بمنطقة بويا عمر، بما فيها التكفل بهم مجانا وتتبع حالتهم الصحية وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لعائلاتهم "إلى حين استقرار حالتهم الصحية وإعادة إدماجهم في وسطهم الاجتماعي والعائلي إذا ما رغبوا في ذلك".