"لطالما أردت أن أغنّي حين كنت صغيرة، إلا أنّ أبي منعني.. ومع ذلك بدأت الحكاية حين سمعت ابنتي تردّد أهازيج دينية لعقائد أخرى غير الدين الإسلامي، فكان أن تدخّلت لأقول لها بأنه بإمكانها ترديد وغناء أناشيد وأهازيج إسلامية".. بهذه الكلمات استهلت الحاجة كادي حديثها للأناضول، مشيرة إلى أنّ هذه الجملة هي نفسها ما أيقظ “مارد” الفنان الكامن في داخلها. هي اليوم نجمة النشيد الإسلامي وموسيقى “الماندنغو” (تستخدم الآلات الموسيقية التقليدية مثل الطبول وغيرها) في بلدها كوت ديفوار.. كادي، تعترف للأناضول بأنّ ابنتها كانت وراء “تحفيزها” أو “مصدر إلهامها” للتوجّه نحو هذا النوع من الأغاني، حيث تعمل من خلال كلماتها المنتقاة بعناية، على تمرير رسالة تدعو إلى حبّ الله والتسامح والتآزر. فعبر موسيقى مميّزة عن الأنواع السائدة في كوت ديفوار، والمستوحاة في مجملها من الإيقاعات التقليدية المتوارثة عن الأسلاف، تسعى الفنانة الإيفوارية إلى بثّ رسائل مختلفة إلى الشباب الإيفواري المتعطّش إلى الفنّ التعليمي والترفيهي في آن. وعن ذلك، تقول كادي إنّ “موسيقى الماندنغو التي تدعو إلى الإسلام عن طريق الأناشيد، دخلت ضمن عادات وتقاليد عشاق الموسيقى، والرسالة الدينية التي نقوم بتمريرها عبر الموسيقى تلقى تجاوبا وتأثيرا بالغين لدى الشباب”. اسمها الحقيقي هو سوماهورو كانتي كادياتا، والحاجة كادي هو اسم الشهرة، استطاعت أن تشقّ طريقها في مجالها لتصبح إحدى النجمات اللامعة في سماء الغناء في كوت ديفوار. مسيرة كان على صاحبتها أن تجتاز العديد من الصعاب لنيل النجاح والشهرة الواسعة، حيث واجهت رفض والدها لدخول مجال الغناء، وليس ذلك فقط، وإنما إقناعه بجدوى توجّهها وعشقها للفن عموما. “عندما كنت صغيرة”، تتابع الفنانة الإيفوارية، “لطالما أردت أن أغني، لكن والدي رفض المسألة بصفة قاطعة.. غير أنّ كلّ شيء انطلق حين سمعت ابنتي جميلة وهي تردد أغاني دينية لمعتقدات أخرى غير دينها (الإسلام)، فكان أن تدخّلت لأقول لها أنّه بإمكانها ترديد أهازيج إسلامية، لكنها فاجأتني حين قالت لي بأنها لا تعرفها”. ومنذ ذلك الحين، بدأت الحاجة كادي بالاستماع إلى إذاعة “البيان” (إذاعة إيفوارية إسلامية)، قائلة: “تمكّنت من الحصول على ترددات هذه المحطة الإذاعية للإستماع إلى الأغاني الإسلامية على غرار نشيد صمت الحرمين، حيث كان الفنانون ينشدون دون موسيقى، ولسوء الحظ، أنه لا توجد أغاني دينية مماثلة في أيامنا هذه”. ونظراً لأن ابنتها وغالبية الأطفال -بحسب قولها- لم يكونوا معتادين آنذاك على الأهازيج الإسلامية، فقد بدأت مسيرتها ببعض الأغاني التقليدية، قبل أن تشتهر في مجال النشيد الإسلامي. بداية صعبة في مجال الفنّ، غير أنها استطاعت، في 2007، أن تطرح ألبومها الغنائي الأوّل، والذي حقق نجاحا أكّدته جولاتها في كلّ من المغرب ومالي وبوركينا فاسو وغيرها من البلدان الأفريقية. وتنحدر كادي من مدينة ساماتيغيلا الواقعة شمال غربي البلاد، وهي العاصمة الإسلامية لكوت ديفوار، وجميع سكانها البالغ عددهم 17 ألف و500 نسمة، يعتنقون الإسلام، بحسب بيانات رسمية.. تغني كادي لحب الله، وتدعو أيضا لنصرة قضية المرأة الفقيرة. في رصيدها العديد من الأغاني، أبرزها “يا رسول الله”، و”السلام عليكم”، و”لا إله إلا الله”، وغيرها من الأغاني التي تدعو إلى المحبة والتسامح، إضافة إلى أغنية “لالاهو”، والتي تتغنى بضرورة اتباع السلوك الحسن في الحياة، و”فارافينا” التي كانت بمثابة التكريم للمرأة الأفريقية لمساهمتها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في القارة، وللمشاق التي تتكبدها في سبيل تعليم أطفالها. غير أنّ كادي أعربت عن أسفها لأنّ “المهنة (الفنّ عموما) لا تعيل صاحبها في كوت ديفوار، وخصوصا حين يتعلق الأمر بالنشيد الإسلامي”، فعائدات الحفلات التي تقيمها ضعيفة للغاية، ورغم ذلك، فهي متشبّثة ومصرة على تكملة مشوارها، متحدّية جميع الصعاب والعراقيل. أما عن أحلامها، فتقول إنّ أول مشاريعها هو إخراج فيلم طويل حول الحضارة الإسلامية، وثانيها إقامة مهرجان للموسيقى الإسلامية، لاسيّما وأن الماندنغو أو الموسيقى الإسلامية لا تزال من الأنواع الموسيقية التي لا تحظى بشعبية كبيرة في الإذاعات والقنوات التلفزيونية الرسمية في كوت ديفوار، (الذي لا تتجاوز نسبة المسلمين فيه ال 38 % من إجمالي السكان)، إذ ينبغي دائما انتظار شهر رمضان الكريم أو التاباسكي (عيدا الفطر والأضحى) لرؤية لقطات لفيديوهات أناشيد إسلامية تكون في الغالب عرضة للقرصنة، وهي الظاهرة التي تعرقل تطوّر هذا النوع من الموسيقى، على حدّ قولها.