الوضعية العامة يواجه المواطن المستهلك ؛ خلال تسوقه اليومي ؛ حيرة تجاه منتوج بلده من السمك .. فهو في مواجهة ظاهرة يومية : سمك مصبر Congelé ; Frozen بأسعار ملتهبة ؛ كأن يجد السردين بثمن 20,00 درهم/كلغ ؛ مضى عليه في علب التصبير مدة لا تقل عن شهر ، وبوفرة وجودة غير كافيتين أحيانا ... ! وإذا كان المغرب الذي حباه الله ثروة سمكية يمتد مداها الساحلي أكثر من 3500 كلم ، بين الأبيض المتوسط شمالا ، والمحيط الأطلسي غربا ، فما هو سر هذا التقتير في الأسواق الداخلية والمصاحب لارتفاع مهول في الأثمنة ، سيما مع قدوم الشهر الفضيل رمضان ..؟ الثروات البحرية المغربية تمتد المصايد الساحلية أكثر من 3500 كلم ؛ تعيش فيها 500 نوعا من الأسماك ، تضم 70 منطقة صيد ؛ يتقاسمها البحر الأبيض المتوسط شمالا ، ووسط وجنوب ساحل المحيط الأطلسي غربا . ينتج المغرب سنويا 0000،110 طنا من الأسماك ، أي ما يعادل %5 من الإنتاج العالمي ، ويأتي في المرتبة 18 عالميا ، والأولى عربيا ( حسب إحصائيات رسمية صادرة عن المعهد العلمي للصيد البحري ) ، على رأسها السردين ( آسفي ؛ الصويرة ؛ أكادير ) ، والصبر "لانشوا" ، والأسقمري "الماكرو" مراقبة سفن الصيد ! هناك ؛ في أعالي البحار ؛ سفن صيد عملاقة ، وبأجهزة متطورة ؛ تعمل على احتكار مساحات صيد شاسعة ؛ وبطرق وأساليب .. تعتبر خرقا للعديد من بنود واتفاقيات الصيد .. فالاتحاد الأوروبي وحده يمتلك 350 سفينة صيد تصطاد ؛ أحيانا ؛ خارج عن الاتفاقيات المبرمة ، فتنهب الثروة السمكية مقابل 41 مليار أورو/ مدة الاتفاقية التي تمتد إلى أربع أو خمس سنوات . يتكبد المغرب خسائر بملايير الدولارات سنويا ! يتكبد المغرب سنويا ملايير الدولارات جراء احتيال العديد من أرباب سفن الصيد ( سيما في أعالي البحار ) على قانون الصيد البحري وإفلاتهم من أداء فواتير الضرائب ؛ بالنظر إلى كميات الصيد الهائلة ، ومدة مكوثها في الاصطياد ، كما أن هناك نسبة كبيرة من بواخر الصيد تحرص على بيع حصيلتها من الصيد ، بمآت ملايين الدولاارات إلى سفن وبواخر أجنبية محاذية أو داخل المياه الإقليمية المغربية ، تنتج عنها سنويا خسائر جسيمة لخزينة الدولة ، فضلا عن انتهاك وخرق شروط الصيد وأساليبه ، والتي تتعارض ؛ أحيانا كثيرة ؛ مع الراحة البيولوجية الواجب توفيرها لنماء وتكاثر الأسماك ، كاستعمال المتفجرات ، والصيد بالجر في الأماكن الممنوعة . لوبيات الصيد وأثرها .. هناك جمعيات الضغط ( لوبيات ) ؛ تسيطر على أهم المصايد الساحلية ؛ في أعالي البحار ؛ وبتعاون وشراكة مع شركات إسبانية مختصة في إقامة حواجز حديدية ، بهدف حصد سمك التونا "الطون" والحيلولة دون تسلله نحو الشواطئ الساحلية .. مما ينجم عنه حرمان الاستهلاك الوطني ، والتأثير على تواجده ووفرته في الأسواق الداخلية ، هذا علاوة على تصدير كميات ضخمة وتهريبها بطرق غير مشروعة . لهيب أسعار السمك تعددت ؛ في الآونة الأخيرة ؛ جمعيات حماية المستهلك ، فيكاد كل قطاع خدماتي ينفرد بجمعية حماية مستهلكها ، علاوة على تواجد كونفدرالية جمعيات حماية المستهلك .. بيد أن أثرها يكاد ينحصر في إصدار التقارير ، والتنديد ، وتوصيف ظواهر غلاء الأسعار ، والاختلالات التي تعرفها مقاييس الجودة ، والشروط الصحية للمنتوج .. في حين أن المستهلك يبقى الضحية ، وتركبه عديد من الجمعيات والوسطاء لإدرار مزيد من المكاسب ، والأرباح على حسابه . فهناك بعض منها الجمعيات لها فروع ووسطاء في أنحاء موانئ الصيد ، تتحكم في تسعيرة تسويق السمك إلى المدن الداخلية ، ومن ثم إلى الأسواق فالمستهلك أخيرا . حينما يستخرج المنتوج السمكي من معامل التصبير ، وعلى قلتها وضعف تجهيزها ؛ يخضع لعملية المناقصة " الدلالا " على إثرها يتدخل عديد من الوسطاء ذوي الوسائل المالية الضخمة لاحتكاره ، وتسعيره من جديد ، وهكذا تمتد سلسلة الوسطاء خمسة أو أكثر ، قبل أن تصل إلى المستهلك ؛ وقد تضاعفت أثمانها الأصلية من %30 إلى %70 . فإذا كان ثمن السردين مثلا ؛ عقب استخراجه من معمل التصبير ؛ ، وعرضه للاستهلاك 9,00 درهما ومروره بخمس إلى ست وسطاء وتجار الجملة يصل إلى السوق ب 17,50 درهما ليقتنيه المستهلك في النهاية ب 20,00 درهم ، وهكذا بالنسبة لباقي الأنواع ... !!الميرلا 16,00د : 60,00 د 70,00 د ؛ الكروفيت 17,00 د : 70,00د 80,00د . هذا وإن ظاهرة الاحتكار هذه ، تتسبب في قلة الوفرة ورداءة الجودة مما يشعل أسعار الأسماك ، فتحرق جيوب المستهلك ، كما أن هذه الظاهرة تتوضح أكثر إذا قارنا أسعار المطاعم المختصة في طهي الأسماك مع استهلاكها داخل الأسر ، مما يفضل معه المواطن أحيانا استهلاك السمك ؛ داخل المطاعم ؛ بدلا من اقتنائها نيئة . محاولة تدخل الجانب الحكومي في ظل الفوضى العارمة ؛ التي يعرفها الصيد البحري ، وتعاظم نفوذ احتكار الجملة والوسطاء للثروات البحرية ، والتملص الضريبي ؛ حاولت الحكومة ممثلة في وزارة الفلاحة والصيد البحري تفعيل قانون تنظيم القطاع ( تجارة السمك خاصة ) ، بما يحمي القدرة الشرائية للمستهلك ، ويساهم في رفع مستوى الجودة ، من خلال تنفيذ برنامج ذي آليات مهمة يتدخل في مراقبة كميات الصيد ، والضرب على أيدي المهربين في أعالي البحار ، مع إلزام الجميع بحمل رخص الصيد ... إلا أن تجار الجملة ، ومن خلفهم الوسطاء عارضوا بشدة هذا البرنامج ، وهددوا بشن سلسلة إضرابات مما كان له الأثر السيء على مستوى وفرة الأسماك وتسويقها ، وهو ما زالت آثاره على قلة العرض وارتفاع الأسعار ، وتدني مستوى الجودة واقعا حتى الآن .