اشتعلت أسواق السمك بمختلف نقاط الصيد على المحيط الأطلسي، بعدما تسببت الاضطرابات الجوية الأخيرة، التي يعيشها المغرب، في ارتفاع أسعار المنتجات السمكية باختلاف أنواعها. ويعتبر عدد من مهني قطاع الصيد البحري الخروج إلى المصايد مخاطرة، بسبب سوء أحوال الطقس من جهة، وبسبب برودة التيارات المائية المحاذية للسواحل المغربية، إضافة إلى أن ارتفاع الأمواج في عرض البحر يجعل أرباب المراكب يمتنعون عن المغامرة بمراكبهم، وخصوصا التي تعتمد على صيد السمك السطحي وشباك الجر. وأفاد عبد اللطيف سعدوني، رئيس الفيدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة بالمغرب، أن المنتوج السمكي مقرون بالصيد الساحلي والصيد التقليدي، وهاته الشريحة المهنية لا تبحر خلال هاته الفترة نتيجة ارتفاع الأمواج والرياح القوية بعرض البحر نتيجة ما يسميه المهنيون ب «المنزلة». وعزا رئيس الفيدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة بالمغرب، في حديث ل «اليوم24» ذلك إلى «برودة ماء البحر التي تنعكس على حصاد المصايد، حيث قلة المنتوج السمكي، كما أن أغلبية سفن الخيط والجر وسفن شباك السردين لا تغامر في ولوج البحر خلال هاته الفترة». وأوضح قائلا: «إن ارتفاع الأسعار مرتبط بالعرض والطلب، وشيء طبيعي أن ترتفع أثمان الأسماك بكل أنواعها إلى هاته المستويات القياسية في الأسواق بمستوياتها». وفي المقابل، أجمع عدد من تجار السمك بالتقسيط، والذين استمعت إليهم «اليوم24»، على أن السبب في ارتفاع الأسعار يعود إلى إقدام أرباب المراكب على تخزين السمك واحتكار المنتوج، وهو ما كذبه سعدوني «نافيا وجود أي احتكار من قبل المهنيين للمنتوج السمكي، بسبب قلة منتجات المصايد ما دام أن المنتوج السمكي قليل». وحمل المتحدث مسؤولية ارتفاع الأسعار إلى الوسطاء قائلا: «إن أسعار السردين -مثلا- من المفروض في الحالة العادية أن تتراوح ما بين 6 إلى 10 دراهم في أقصى الحالات، غير أن احتكار السوق من قبل بعض الوسطاء يضاعف من ثمنه عدة مرات، ليصل إلى المستهلك بأسعار تتراوح ما بين 20 و25 درهما، في الوقت الذي يباع فيه الصندوق الواحد (20 كيلوغرام) ب100 درهم فقط». وبحسب المعطيات التي استقتها «اليوم24» من مدن: أكادير ومراكش وفاس وطنجة، فإن أسعار الأسماك تضاعفت، إذ بلغ ثمن الكيلوغرام الواحد من السردين 25 درهما مقابل 13 درهما، كما بلغت أسعار الأسماك الحمراء (السردين، الشرن، كابيلا، القرب..) والبيضاء (ميرلان والصول، سمك موسى، الباجو ..) مستويات قياسية في الأثمان بالأسواق المحلية المغربية بزيادة تراوحت ما بين 16 و 55 درهما في الكيلوغرام الواحد. وقدم سعيد زرهون، رئيس الجمعية المغربية لصيد الرخويات في توضيحات ل «اليوم24»، أمثلة لأثمان بعض الأسماك البيضاء (ميرلان، الصول) التي يبيعها البحارة والمجهزون ب30 درهما، ويباع في الأسواق المحلية ما بين 60 و90 درهما، مسجلة بذلك زيادة تتراوح ما بين 20 و 35 درهما للكيلوغرام الواحد، كما أن أثمان «الأربيان» و «الأخطبوط» بلغت مستويات قياسية تجاوزت 120 درهما للكيلوغرام الواحد، بعد أن كانت لا تتعدى 90 درهما بالنسبة للنوع الجيد. وفي اتصال بعدد من مهنيي القطاع بمنطقة الشمال، اتفق أغلب المهنيين على أن الإقبال المتزايد للمواطنين على السمك والخصاص الذي بدأت تعرفه المصايد المغربية، ينضاف إلى سوء أحوال الطقس وما ينتج عنه نشاط للوسطاء والمحتكرين؛ وهو ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وقال مصطفى بنسعيد، تاجر سمك في اتصال ب «اليوم24» «المنطقة الشمالية تتميز بأنها تستقبل السمك من مناطق مختلفة كالدار البيضاء والعرائش وأكادير ما يجعل الأسواق الشمالية تتأثر بكلفة النقل وتقلبات السوق في هذه المناطق». إلى جانب ذلك، حمل مهنيون بقطاع الصيد مسؤولية ارتفاع ثمن الأسماك داخل الأسواق المغربية إلى من يسمون ب «السماسرة» أو «الشناقة». وأضاف هؤلاء في تصريحات متفرقة استقتها «أخبار اليوم»، أمس الاثنين، «أن هؤلاء أصبح لهم موطئ قدم داخل السوق، وفرضوا أنفسهم على الجميع، وبالتالي فالخاسر من هذه السلوكات هم المجهز والبحارة والمستهلك.». وأشاروا إلى أن ثمن الأسماك الذي يبيع به البحارة لم يطرأ عليه أي تغيير منذ الستينات إلا بنسبة ضئيلة لا تتعدى 5 %، في حين نجد ثمنه بأسواق التقسيط قد تضاعف بأكثر من 4 مرات. وأضافوا «أن المكتب الوطني للصيد خرج عن الإطار الذي أسس من أجله، وتم تقزيم دوره في مجرد بائع للسمك بالجملة وبناء أسواق للسمك بالمدن الداخلية، في حين أن أسواق المدن الساحلية تعرف تدهورا، مما انعكس على الأسعار في غياب أية مراقبة على الوسطاء في الأسواق المحلية».