في ظرف أيام قليلة فقط اشتدت عاصفة هوجاء، أبطالها كانوا مِثليين أجانب ومغاربة، أخذت أبعادا أخلاقية وأمنية وسياسية محلية ودولية أيضا، وقد تركت آثارها جلية في الباحة المتواجدة أمام صومعة حسان الشهيرة بالرباط، وأيضا على إحدى منصات مهرجان موازين. ومن فرط توالي أنشطة علنية لمثليين جنسيا، أجانب ومغاربة، داخل البلاد، في سياق زمني قصير، طرح الكثيرون سؤالا عما يجري حقيقة في المملكة، وهل الأمر يتعلق بتصرفات تلقائية لا رابط ولا تنسيق بينها، أم أن الأحداث دُبرت بليل، كما يقال، فكانت الحصيلة اتجاه الأنظار نحو المغرب، لمعرفة كيف سيتعاطى مع هذه المستجدات. وفي عودة لما وقع أخيرا، يبدو أن كل شيء كان مرتبا عندما هرعت ناشطتان فرنسيتان من حركة "فيمن" الاحتجاجية، صبيحة الثلاثاء، ليزيلا عنهما ثيابهما، ويعريا صدريهما في تصرف معهود لدى ناشطات حركة "الأثداء الثائرة"، قبل أن يذوبا في قبل ساخنة أمام صومعة شيدها السلطان يعقوب المنصور الموحدي قبل مئات السنين. ذاع خبر الناشطتين عاريتي الصدر، اللتان رسمتا عبارة على بطنيهما تفيد تضامنهما مع المثليين المغاربة، بعد أن أخذت لهما صور من طرف جهات قيل إنها كانت على علم مسبق بتحركات ناشطتي "فيمن"، قبل أن تأخذ الأمور منحى مغايرا، بإيقاف شرطة الحدود بمطار الرباطسلا للناشطتين، وطردهما إلى بلدهما الأصلي. اختيار الساحة التي تقابل صومعة حسان لم يكن اعتباطيا، لأنه كان بإمكان حركة "فيمن" تسجيل رسالتها الاحتجاجية في فضاءات أخرى، لكن الاختيار كان مخططا له، وهو ما أقرت به "أنا شيفشينكو"، زعيمة "فيمن" بفرنسا، والتي عزت اختيار ساحة مسجد حسان إلى "هويته الدينية التي ترفض الاعتراف بحقوق المثليين" بحسبها. وفي نفس اليوم، شاهد الملايين عبر شاشة إحدى القنوات التلفزية عرضا غنائيا لمجموعة "روك" بريطانية، بعث أفرادها برسائل تضامن مع مثليي الجنس بالمغرب، والذين اعتقلوا وحوكموا بمدد سجنية معينة، وذلك من خلال ألوان المثلية مرسومة على قيثارات العازفين، والدعوة إلى إلغاء القانون المجرم للمثلية، موشومة على صدر أحد أعضاء الفرقة. وفي الغد، أي يوم الأربعاء 3 يونيو الجاري، حدث أن تم اعتقال شابين مغربيين مثليي الجنس، أحدهما من الدارالبيضاء، والآخر من مراكش، هما البودامي لحسن ونعيم محسن، حيث ضبطا وهما يقومان بأعمال مخلة بالحياء، مرة أخرى أمام صومعة حسان" وفق بلاغ وزارة الداخلية. وجاء دور ناشطة اسبانية تنتمي إلى حركة "فيمن"، يوم الخميس، ليتم رصد خطواتها أيضا من طرف السلطات الأمنية، وطردها إلى بلدها، بسبب تورطها في احتجاج "الأثداء الثائرة" أمام صومعة حسان، فيما طالب المغرب من الحكومة الاسبانية توضيحات حول المنظمات التي تدعم الناشطة في أعمالها "المعادية للمملكة".