قال صاحبي وهو يحاورني في موضوع رياضي يخص لعبة كرة القدم، المتعلق بالأندية الوطنية والفريق الوطني، والضجة الإعلامية التي خلفها فراغ كرسي الناخب الوطني ، بالرغم من توفر المغرب على العديد من الطاقات الواعدة في مجال التدريب والحاصلة على شواهد وطنية ودولية، من مدارس مختصة في المجال . احتد بيننا النقاش في موضوع اللعبة حيث جرنا إلى الميدان كممارسين فعليين في السابق، وممارسين آنيين بالمشاهدة والمعاينة، ابتداء بالفرق الوطنية ومدارسها الكروية ، وانتهاء بمقارنة لاعبي الداخل بالخارج.. ولكم أعزائي القراء مجمل الحوار الدائر بين الطرفين، ولكم الحكم والقرار. الأول : إنني أرى كوجهة نظر بأن المغرب يجب أن يعتمد طاقاته الشابة في تدبير شأنه الرياضي وبخاصة في مجال اللعبة الشعبية "كرة القدم". على اعتبار أن جل الأندية الكبيرة تتوفر على مدارس لها مؤدى عنها من قبل أولياء أمور الأطفال الذين يحبذون التحاق أبناءهم بالمدارس الكروية، بدل المدارس التعليمية لانفتاح آفاقها ، نظرا لما يشاهد على صعيد اللاعبين المحترفين ونجوم العالم. ومن ثمة فهم يعقدون العزم على رهان مدارس كرة القدم بالنسبة لأبنائهم ، لكي يتبوؤوا مكانة مرموقة في مجتمعهم مقارنة مع من سبقوهم. الثاني : الملاحظ أن المدارس الكروية في المغرب، وبخاصة المنتمية للأندية الكبيرة، لا أعرف أين تصب بالمنتمين إليها، فقد تجد أن فريقها الأول في حاجة ماسة إلى من يسد خصاص بعض المواقع، سواء في الهجوم أو في الدفاع أو في وسط الميدان، فلا تجد من شباب الفريق أو المدرسة المكونة من تعول عليه وكأنها تكون السراب، وبالتالي فهي تلتجىء إلى البحث عن لاعبين من خارج قواعدها. وكأن مدرسة التكوين التابعة للنادي تختص فقط في إعداد لاعبين هلاميين جاهزين للبيع إلى أندية أخرى سواء داخل الوطن أو خارجه. الأول : اللاعب الوطني الجيد أصبح يبحث له عن موقع قدم في البطولات سواء العربية أو الخليجية أو دول شرق أوربا ، والمحظوظ من يبرز كفاءته على مستوى أوربا ، وفي حظيرة الدوريات التي يقام لها ويقعد كالدوري الإسباني والأنكليزي والألماني والإيطالي والفرنسي.. فالبطولة المغربية للأسف الشديد لم تعد كما في السابق بوابة مطلة على الفريق الوطني . فاللاعب الوطني مهما يبذل من جهد على مستوى التقنيات والفنيات واللياقة البدنية، يبقى أسير ناديه، ولا تتاح له فرصة الارتقاء بوضعيته الكروية للاحتكاك بفرق أجنبية تنافس على دوري من الدوريات سواء على المستوى القاري أو العربي أو المغاربي.. اللهم لاعب أو اثنين. الثاني : ضف على ذلك أمر آخر، له من الأهمية ما يجعل اللاعب بين نارين، ألا وهو تجنيس اللاعب. فهذا الأمر أصبح يؤرق العديد من النجوم المغاربة في اتخاذ قرار الدفاع عن القميص الوطني، أو الدفاع عن قميص البلد المجنس له. وهنا تطرح العديد من التساؤلات التي تجعل تفكير اللاعب يرجع القهقرى، للبحث في ملفات البدايات حيث كان ينتمي لناد ما ، ولاقى منه ما لاقاه من التهميش سواء على مستوى التداريب أو اللعب .. مما يجعله يشد الرحال إلى ديار الغربة سواء كانت هذه الديار أوربية أو عربية أو خليجية، حيث يجد المناخ الملائم لإبراز قدراته الفنية والتقنية ، ومن ثمة يتم التمسك به والتعاقد معه بشروط تفضيلية تجعل منه لاعبا مسؤولا يدخل في إطار ما يعرف اليوم باللاعب المحترف، شغله الشاغل ممارسة اللعبة، والدفاع عن قميص الفريق، مقابل وضع اعتباري مريح سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.. الأول : لقد أصبت فيما قلت ، والدليل على ذلك مقارنة بسيطة بين لاعبي الداخل والخارج، سواء على مستوى فرقهم ، أو على مستوى الفريق الوطني. فاللاعب الوطني وضعه الاجتماعي الراهن غير مريح، ما لم تنخرط الأندية الوطنية بشكل فعلي في الاحتراف، واعتبار اللاعب مستخدم له حقوق وعليه واجبات، وعلى أساسها يتم التعاقد معه بكيفية تجعل منه رجلا مطمئنا على مستقبله من حيث ممارسته للعبة كرة القدم، أما والأمر ما زال يؤشر على الهواية تارة والاحتضان تارة أخرى، فالضبابية لم تنقشع بعد. وهذا ما يؤثر على العطاء في الرقعة الخضراء، بخلاف لاعبي الخارج حيث المعنويات مرتفعة، كما الماهيات والمنح، والمستقبل مضمون، والإنجاز على مستوى البساط الأخضر مميز بدليل المناداة عليهم لتمثيل الفريق الوطني في شتى الإقصائيات القارية والدولية والعربية.. إلا أن الملاحظ أن في تمثيلية بعضهم للفريق الوطني لا نلمس تلك الجدية ، والتنافس الندي كما نجده في تمثيل فرقهم الأم لعدة اعتبارات منها : - الغرور والأنانية في اللعب، إضافة إلى عدم الانسجام بين لاعبي أوربا الفرانكفونيين والساكسونيين والدول العربية. انعدام كذللك للخيط الناظم لعقد الفريق الوطني الذي يجب أن تطبعه الروح الوطنية والقتالية في اللعب دفاعا عن القميص الوطني.. الثاني : هنا مربض الفرس. يجب على الناخب الوطني أن يعيد تريب البيت الداخلي للفريق الوطني، بالبحث عن مكامن الخلل، ومحاولة إيجاد تركيبة بشرية، تمثل كتيبة الدفاع عن القميص الوطني بلعب حديث، وبكرة عصرية تمتع من يشاهد مقابلة فيها، وتشعره بارتياح كبير بسحر لاعبيها الذين يجيدون المراوغات، ويتقنون التسديدات و التمريرات، ويدافعون عن عرينهم بكل التقنيات والفنيات.. الأول : قبل الحديث عن الناخب الوطني، دعنا نتحدث عن مدربي الفرق الوطنية الذين يعانون بدورهم من مشاكل تعوق مسيرتهم التأطيرية، نظرا لعدم الاستقرار الذي يطبع توجهات مكاتب بعض الفرق حيث تعيش الشد والجذب بين لاعبيها من حيث تسوية منحهم، وبين جمعية محبيها التي تفرض نفسها في أمور هي بعيدة كل البعد عن التداول فيها،مما يخلق نوعا من الارتباك في منهجية عمل الطاقم التقني، والذي ينعكس سلبا في أجرأته من قبل اللاعبين على أرض الميدان، وبالتالي تكون النتائج سلبية، مما يضطر المكتب المسير إلى فك الارتباط مع المدرب على اعتبار أنه لم يجد الخطة السحرية للدفع بالفريق إلى النتائج الإيجابية التي ترضي جماهيره. الثاني : هذا صحيح. فالاستقرار يلعب دورا حاسما في تكوين فريق منسجم، وهذا الاستقرار يجب أن يطال ليس الإدارة التقنية فقط. بل المكتب المسير والطاقم الإداري والطبي..وكل من له غيرة على الفريق. وبالتالي يكون هذا اللفيف منسجم مع ذاته أولا في رسم استراتجية واقعية للذهاب بالفريق إلى ما يطمح إليه جمهوره. ولنا كمثال في ذلك فريق الفتح الرباطي، والمغرب الفاسي وأولمبيك خريبكة .. فالاستقرار والانسجام يعطي ثماره. فللمدرب الوطني كفاءته، كما للمدرب للأجنبي مع وجود الفارق طبعا. الأول : الحديث عن المدرب الأجنبي والوطني حديث ذو شجون، فوضعية الفريق الوطني من خلال تجاربه المتعددة سواء مع الأجنبي أو الوطني أثبتت أن هناك خللا بنيويا في تركيبة الفريق، بحيث لم يتم الانسجام بينه وبين مكوناته التقنية والمسيرة، مما جعل كل مقابلاته الإقصائية السالفة تفتقد إلى الروح الجماعية التي يمثلها الفريق دفاعا عن خصوصياته، وتموقعه في خانة" أسود الأطلس" التي كانت ترتعد منها فرائص فيلة ساحل العاج وغيرها من الفرق الأفريقية والعربية .. الثاني :حان الوقت لإنقاذ الوضع، خصوصا بعد التغييرات التي عرفتها تشكيلة الجامعة الملكية لكرة القدم، والوزارة الوصية على الشأن الرياضي، بحيث بدت في الأفق ومضة أمل في إعادة الاعتبار للرياضة الوطنية ابتداء بكرة القدم تحديدا. الأول : لكل حصان كبوة كما يقال في المثل العربي، وهاهو الفريق الوطني بدأ يجمع شتاته بمدرب له من التجربة ما يجعل منه فريقا منسجما ، من خلال المقابلتين الأخيرتين. فهل غيريتس يسم مشواره الكروي في المغرب العربي بشيء يذكره له التاريخ ؟ هذا ما ستؤكده المنافسات القادمة !. الثاني : سنرى !. نترك الآن باب الأمل مفتوحا على مصراعيه، ونترك الرجل يعمل في صمت. وعلينا نحن بمواكبة عمله من حيث الإنجاز. فإن أصاب فسنصفق له، وإن أخفق فسيجد أقلامنا أحد من السيوف.