قدمت وكالة "كوفاص" الفرنسية للتأمين على التجارة الخارجية تشريحا مفصلا لوضعية الاقتصاد المغربي من خلال عرض نقاط قوته ومواطن الضعف فيه، وذلك في مذكرتها الصادرة أخيرا حول المخاطر المحدقة بالاقتصاد المغربي خلال السنة الحالية، وهي مخاطر تبقى "محدودة نسبيا" من وجهة نظرا خبراء الوكالة وهو ما دفعهم إلى الحفاظ على تصنيف للمخاطر عند درجة A4. وعددت وكالة التأمينات نقاط الضعف التي يعاني منها الاقتصاد المغربي وتعتبر "مزمنة وتحد من تطوره"، أهمها هو الاعتماد الكبير على القطاع الفلاحي، فنسبة النمو في المغرب تبقى دائما رهينة بنتائج الموسم الفلاحي وبشكل أدق بمستوى الأمطار المسجلة خلال السنة، كما وصفت الوكالة مستوى الإنتاج وتنافسية الاقتصاد المغربي ب "الضعيفة". ولعل الوكالة لم تكشف سرا عندما أكدت أن هناك العديد من الأعطاب الاجتماعية التي تعيق النمو الاقتصادي في المغرب، على رأسها مشكل البطالة، وانعدام المساواة بين المواطنين، والفوارق بين الجهات من حيث استفادتها من المشاريع التنموية والمرافق الأساسية من مدارس ومستشفيات، "كل هذه الأعطاب تؤدي إلى احتقان اجتماعي" تقول وكالة التأمينات. ووصفت نفس المؤسسة القطاع السياحي بأنه "هش"، بسبب اعتماده بشكل كبير على دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب تأثره بالتهديدات الإرهابية التي أصبحت تواجه المنطقة بصفة عامة، وقد أكدت الأرقام التي حققها قطاع السياحة إلى غاية الأشهر الماضية أن المغرب تأثر بالتهديدات الإرهابية التي تواجهها منطقة شمال إفريقيا. وفي خضم النقاش الدائر حاليا حول توصيف الاقتصاد المغربي هل هو اقتصاد صاعد أم في طريق النمو؟ أكدت الوكالة أن النشاط الاقتصادي في المغرب هو "نشاط دوري وموسمي"، بسبب اعتماده بشكل كبير على القطاع الفلاحي وعلى الوضع الاقتصادي في دول الاتحاد الأوربي الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، بالإضافة إلى تأثر اقتصاد المملكة بتقلبات الأسعار العالمية للفوسفاط نظرا لكون المغرب يعتبر المصدر الأول لهذه المادة في العالم. ولم تتوقف الوكالة التي يوجد مقرها في فرنسا تقديم أعطاب الاقتصاد المغربي، بل تحدثت أيضا عن مناخ الأعمال الذي "عرف تحسنا خلال السنوات الماضية بفضل العديد من الإصلاحات التي تم إطلاقها" تقول الوكالة، بيد أن هذا لم يمنعها من مطالبة القائمين على تسيير شؤون البلاد بالقيام بإصلاحات إضافية تهم تبسيط الإجراءات الإدارية، وتحسين الإطار القانوني المرتبط بالعقار. وإذا كان المغرب يعاني "نقاط ضعف" على المستوى الاقتصادي، فإن هذا لا يمنعه من التوفر على نقاط قوة مرتبطة بالمجال السياسي والموقع الجغرافي، إذ تحدثت المؤسسة الدولية عن توفر المغرب على مؤهلات طبيعية وفلاحية "مهمة"، بالإضافة إلى قربه الجغرافي من أوروبا الأمر الذي يؤهله للعب دور همزة الوصل بين أوروبا والقارة الإفريقية، ولم يفت مؤسسة "كوفاص" أن تتحدث عن الاستقرار السياسي الذي يعرفه المغرب، والذي يساهم في تطوير مناخ الأعمال. ولم تحد الوكالة كثيرا في توقعاتها لأداء الاقتصاد المغرب عن تلك الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية، إذ أكدت أن المغرب سيحقق نسبة في حدود 4.2 في المائة خلال السنة الحالية، وسيتمكن من تخفيض نسبة العجز في الميزانية إلى 4.3 في المائة وتقليص العجز التجاري إلى 5.8 في المائة عوض 6.8 في المائة المسجلة خلال السنة الماضية.