بات جلياً أن طموح حكومة سعد الدين العثماني بتحقيق نسبة نمو ما بين 4,5 و5,5 في المائة في أفق 2021 صعب المنال؛ فعلى بُعد سنتين من انتهاء الولاية الحكومية، تشير كل المؤشرات إلى الفشل في تحقيق هذا الطموح. ويتجلى من مضامين تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر يونيو، الصادر عن البنك الدولي، أن الاقتصاد المغربي سيحقق نسبة نمو 2,9 في المائة خلال السنة الجارية، وفي السنة المقبلة سيعرف تحسناً طفيفاً ليصل إلى 3,5 في المائة، ويحقق 3,6 في المائة سنة 2021، تاريخ انتهاء ولاية حكومة سعد الدين العثماني. وتبقى هذه النسب ضعيفة ولا ترقى إلى المستويات المطلوبة الكفيلة بتوفير مناصب الشغل الكافية لمعالجة مشكل البطالة، التي ما يزال معدلها في حدود 10 في المائة وتُصيب نسبة كبيرة من الشباب في العالم الحضري، في الوقت الذي التزمت فيه الحكومة بحصرها في حدود 8,5 في المائة. ولا يحقق المغرب استثناءً في ضعف نسب النمو، فحتى الجارة الشرقية الجزائر تسير في الاتجاه نفسه؛ إذ تفيد التوقعات الجديدة بأن نسبة النمو بها لن تتجاوز السنة الجارية 1,9 في المائة، و1,7 في المائة السنة المقبلة، و1,4 في المائة سنة 2021. وما زاد من ضُعف النمو بالمغرب هو تضرر الموسم الفلاحي الحالي من ضعف التساقطات المطرية، فهذا القطاع رئيسي ويلعب دوراً كبيراً في الاقتصاد الوطني، ويستمر في خضوعه للتغيرات المناخية المضطربة. كما تواجه الحكومة عجز الميزانية الذي يتجاوز 3 في المائة الذي حددته كهدف لها، حيث وصل إلى 3,3 في المائة السنة الماضية، ومن المتوقع أن يصل إلى 3,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال السنة الجارية، وهو ما دفعها لتفويت نسبة من حصتها في شركة اتصالات المغرب لزيادة موارد استثنائية لخزينة الدولة لتقليل العجز. على المستوى الدولي، تشير توقعات البنك الدولي إلى أن معدل النمو الاقتصادي سيتراجع إلى مستوى أقل مما كان متوقعاً ليبلغ 2.6 في المائة في 2019، قبل أن يتحسن قليلاً ويصل إلى 2.7 في المائة في 2020، ومن المتوقع أن يستقر معدل النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية العام القادم مع تجاوز بعض البلدان فترات من الضغوط المالية، لكن يبقى زخم التعافي ضعيفاً. وأشار البنك الدولي إلى أن تباطؤ الاستثمار يُعد من العوامل المعوِّقة للنمو في الاقتصادات الصاعدة والبلدان النامية، ويميل ميزان المخاطر نحو الجانب السلبي، وأبرز هذه المخاطر زيادة الحواجز التجارية وتجدد الضغوط المالية، كما تؤثر المشاكل الهيكلية التي تؤدي إلى إساءة تخصيص الاستثمارات أو تثبيطها على آفاق النمو في المستقبل. ويوصي البنك الدولي البلدان، ومن بينها المغرب، بإجراء إصلاحات هيكلية كبيرة بهدف تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات، مع جعل إدارة الديون وتعزيز الشفافية على رأس أولوياتها حتى تؤدي الديون الجديدة إلى تعزيز معدلات النمو والاستثمار.