لم تكن تصريحات رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، عن ترحيبه بأي "تدخل يسير في طريق حل المشاكل بين المغرب والجزائر"، دون أن تجد ردة فعل من الجارة الشرقية، ومتابعة إعلامية كثيفة لما تضمنته "تلميحات" بنكيران عن قبول المملكة لأية وساطة بين البلدين. وقال مسؤول دبلوماسي من وزارة الخارجية الجزائرية، في تصريحات نقلتها صحيفة "البلاد" المحلية، إن "الجزائر تربطها علاقات أخوية وحوار دائم مع المغرب"، مضيفا أن "الجزائر لا تطلب، ولا تقبل أية وساطة في علاقاتها مع هذا البلد الشقيق"، على حد تعبيره. وجدد المصدر الدبلوماسي الجزائري، الذي لم تكشف الجريدة عن هويته، تأكيده على موقف الجزائر من قضية الصحراء، حيث قال إنها "قضية تصفية استعمار أساسا"، وأن الحل يقع على عاتق منظمة الأممالمتحدة، وفقا للقرارات الأممية ذات الصلة بالقضية". وشدد ذات المصدر من الخارجية الجزائرية على أن بلده "ليست طرفا في هذا النزاع، الذي عمر طويلا، مثلما أكدته مختلف لوائح وقرارات الأممالمتحدة التي حددت بوضوح، أن كلا من المغرب وجبهة البوليساريو طرفا النزاع في ملف الصحراء"، وفق تعبيره. ونفى المصدر عينه ما وصفها باتهامات سابقة لوزراء في حكومة المغرب، تفيد بأن الجزائر "تقف حجر عثرة في طريق إيجاد حل لمشكلة الصحراء"، وأنها "طرف رئيسي في النزاع، كونها تأوي اللاجئين الصحراويين، وتدعم جبهة البوليساريو الانفصالية". وأوردت صحف جزائرية بأن الجزائر سبق أن رفضت وساطة مصرية وإماراتية، وقبلها عروضا فرنسية وإسبانية للتقريب بينها وبين المغرب، بدعوى أن "البلدين ليسا في حاجة لوساطة طرف ثالث، وأن الحوار بينهما متواصل عن طريق تبادل الزيارات بين وزراء البلدين. وعلى صعيد ذي صلة، احتفت جرائد جزائرية بتصريحات بنكيران الأخيرة بشأن العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، وترحيبه بكل تدخل يمهد لحل المشاكل العالقة، حيث توقفت كثيرا عند ما وصفته بتليين المغرب لحدة خطابه اتجاه الجزائر، مشيرة إلى أن "الرباط ما فتئت توجه الاتهامات الجزافية للجزائر". وقالت صحيفة "الشروق"، المقربة من دوائر النظام بالجزائر، إن بنكيران أبدى رغبة في دور وساطة تقوم به إحدى الدول لحلحلة الأزمة بين البلدين"، مبرزة أن "الجزائر أعلنت مرارا رفضها مبدأ الوساطة، وهو ما تجلى في العرض الذي تقدم به وزير خارجية إسبانيا موراتينوس". وأشارت ذات الجريدة، في هذا السياق، إلى وساطة سعودية سابقة بين الرباطوالجزائر، تجلت في تصريح دبلوماسي سعودي في الرباط قبل سنوات، والذي قال حينها "الجهود السعودية، بقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز، تسعى لإزالة كل عوائق التقارب بين البلدين الجارين". وكان رئيس الحكومة قد تحدث بشكل إيجابي عن علاقات المغاربة بالجزائريين، في منتدى الجزيرة التاسع بالعاصمة القطرية الدوحة، يوم الثلاثاء الماضي، عندما قال "الجزائريون إخواننا، نحبهم ونعتقد أنهم يحبوننا، وسنحاول بالحوار أن نصل إلى حلول تضمن الحقوق وتحافظ على الأصول". وتابع بنكيران بالقول "نحن متفائلون رغم أن هناك صعوبات، ولكن نعمل على تجاوزها، وما بين المغرب والجزائر ليس ما كان بين ألمانيا وفرنسا"، قبل أن يستطرد قائلا "نرحب بأي جهود تبذل، من أجل التوصل إلى حل للمشاكل بين المغرب والجزائر".