خلْفَ الابتسامة التي يستقْبلُ بها مُربّو الماشية زوارَ قطب المواشي في الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، حيثُ يعرضون أبقارهم وخرفانهم وغيرها من المواشي أمام زوار المعرض الذي اختتمت فعاليته يوم الأحد الماضي، وبيْن ثنايا التجاعيد والخدود المرسومة على وجوههم السمراء منْ أثر أشعّة الشمس، تختفي مُعاناة يوميّة وهُمومٌ تأويها الصدور في صمْت. يقولُ أحد "الكسابة" إنّ المشاكل التي يعاني منها المستثمرون في القطاع كثيرة ومتعدّدة، غيْرَ أنّ المشكل الأوّل يتعلق بالكلأ، في ظلّ غلاء أسعار العَلف، أمّا المشكل الثاني، فيكْمنُ في انخفاض مستوى المياه الجوفية، وهو ما يرفعُ من تكلفة إنتاج بعض الأعلاف المحليّة. وإضافةً إلى مشكل غلاء الأعلاف وشحّ المياه، يُضيف المتحدّث، وهو فلاح من جهة تادلة أزيلال، هناك مشكلُ انخفاض سعر الحليب الذي يبيعُ به مربّو الماشية للشركات والتعاونيات، قائلا "سِعْر الحليب الذي يختلفُ من منطقة إلى أخرى، ويتراوح ما بين 3 إلى 4،00 دراهم للتر، لا يغطي مصاريف الكلأ والعمال". "وحتى لو باعَ الفلاح اللتر الواحد من الحليب بأربعة دراهم، فلا يكفي ذلك لتغطية مصاريف الإنتاج"، يقول "الكساب" الذي تحدّثت إليه هسبريس، لافتا إلى أنّ مصاريف إنتاج لتر واحد من الحليب تتراوح ما بيْن 3 دراهم، و 3 دراهم و70 سنتيما، تُصرفُ في توفير الكلأ، وأداء أجور العمّال، وصيانة الإسطبلات، مضيفا "حتى لو بعْنا الحليب بأعلى سعْر مُتاح فالفلاح خاسر، لأنّ المصاريف تفوق الأرباح". وفي حينِ أنّ رفْعَ الأسعار التي تقتني به الشركات والتعاونيات الحليبَ من الفلاحين سيؤدّي بالضرورة إلى رفْع السعر الذي يُباع به للمستهلك، ومن ثمّ تضرره من الزيادة، يرَى المتحدّث أنّ الحلَّ الوسطَ يكمُن في تدخّل الدولة لدعْم الأعلاف، من أجل تخفيض مصاريف "الكسابة". وأوضح "نحن نتبع للسوق العالمية، عندما ترتفع الصوجا والذرة في السوق الدولية ينعكس ذلك على السوق المحلية، فخلال السنة الفارطة بلغ سعر الصوجا سبعة دراهم للكيلوغرام الواحد، ونحن لا يمكن أن نقتنيها بهذا السعر، الذرة أيضا ارتفع سعرها ووصل إلى ما بين ثلاثة وأربعة دراهم". وتختلف معاناة "الكسابة" إزاء ارتفاع مصاريف تربية المواشي من منطقة إلى أخرى، ففيما تظلّ مصاريف الأعلاف المنتَجة محليّا، مثل الذرة و"الفصّة"، منخفضة في المناطق ذات الوفرة المائية، مثل الغرب، فإنّها ترتفع في المناطق التي تعاني من شُحّ المياه، كما هو الحالُ بالنسبة للمناطق الجنوبية. وينضاف إلى مشكل غلاء الأعلاف وشحّ المياه وانخفاض أسعار بيع الحليب، قلّة اليَد العاملة ذات الكفاءة في قطاع تربية المواشي، في ظلّ عزوف العمّال الفلاحيين عن العمل في هذا الميدان لعدّة أسباب، من بيْنها انخفاض الأجر الأدْنى الذي حدّدتْه الدّولة (السميك)، "وهو ما يجعل العمّال يتهربون من العمل في قطاع تربية المواشي، في مقابل عجزنا عن رفْع الأجر، نظرا لكثرة المصاريف"، يقول المتحدّث. في منطقة الرحامنة، لا تختلفُ مشاكل مُربّيي المواشي عن مشاكل نظرائهم في جهة تادلة أزيلال، ويأتي على رأسها مشكل الكلأ، "أسعار العلف مرتفعة، ودعم الوزارة الذي نحصل عليه بين فينة وأخرى ضعيف، وهو ما يضطرنا إلى نقْل قطعان المواشي إلى مناطق أخرى مثل الشاوية والغرب، بحثا عن الكلأ"، يقول أحدُ مربّي الخرفان، مضيفا "لديّ 200 رأس غنم، كلّفتْني خلال السنة الماضية 24 مليون سنتيم".