فيما غابت المسيرات الكثيفة التي كان يطلقها آلاف العمال والنقابيون والأجراء في العديد من المدن المغربية بمناسبة "عيد الشغل"، بسبب مقاطعة ثلاث مركزيات نقابية كبرى للاحتفال بالفاتح من ماي، حضر بالمقابل استنفار أمني كبير في مختلف شوارع المملكة، كما ظهر الشباب العاطلون عن العمل ليؤثثوا هذا اليوم. في مدينة أكادير، مر اليوم الاحتفالي بعيد العمال فاترا إلى حد بعيد، إلا من أجواء حماسية محدودة حاولت النقابة المقربة من حزب العدالة والتنمية "الحاكم" أن تملأ بها الفراغ الذي تكره غياب النقابات العمالية الثلاثة، كما غاب نشطاء الحركة الامازيغية عن شوارع المدينة. مصادر إعلامية متطابقة من أكادير تحدث عن "أسوأ" تظاهرة لفاتح ماي احتفلت به نقابة الاتحاد الوطني للشغل، حيث اكتفت بتجمع خطابي هزيل حضر فيه أعضاء النقابة وغاب عنه العمال المعنيون بالتظاهرة، فيما اعتبر آخرون أن هذا التجمع النقابي كان "ناجحا بامتياز". وأما في طنجة، أفادت منابر صحفية محلية أن قوات الأمن كانت مستنفرة بشكل كبير في مختلف شوارع وطرقات عروس البوغاز، كما انها أقدمت على منع نشطاء حقوقيين وسياسيين من تنظيم مسيرة، بدعوى عدم توفرهم على ترخيص يتيح لهم تنظيم نشاطهم الاحتفالي. وفي غياب النقابات الكبرى في المدينة، بسبب قرار مقاطعتها لاحتفالات عيد العمال، حاصرت قوات الأمن العمومي ناشطين من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحزب النهج الديمقراطي، وأفراد من جمعية "أطاك" اليسارية، لمنعهم من تنظيم مسيرة انطلاقا من ساحة الأمم. وبالمقابل نظمت القطاعات النقابية، التابعة للاتحاد الوطني للشغل، مسيرة عمالية انطلقت من شارع يوسف بن تاشفين، وحضرها على الخصوص وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، فيما تباينت الأرقام التي وردت بشأن عدد المشاركين في هذه المسيرة. وفي مدينة فاس غابت النقابات العمالية من شوارع العاصمة العلمية للمملكة، وبدت فارغة على غير المعتاد في سنوات خلت، غير أن اللافت كان نشوب مواجهات بين قوات الأمن، زوال اليوم الجمعة، وفصي طلابي تقول مصادر إعلامية محلية إنه ينتسب إلى النهج الديمقراطي القاعدي. وبحسب ذات المصادر، فإن الطلبة القاعديين كانوا يعتزمون تنظيم مسيرة بمناسبة الفاتح من ماي، كان من المقرر أن تنطلق من الحي الشعبي "مونفلوري"، غير أن قوات الأمن بمختلف تلاوينها كانت حاضرة بكثافة، وأجهضت انطلاقة المسيرة من خلال مواجهات بين الطرفين. وقالت مواقع إخبارية محلية إن قوات الأمن عمدت إلى تطويق الأحياء الجامعية بسايس المخصصة للذكور والإناث، كما اعتقلت مجموعة من الطلبة، كانوا يتحركون بمحيط الأحياء الجامعية بسايس، ويدعون إلى مسيرة احتجاجية بمناسبة الفاتح من ماي. وأما في الرباط، فكان يوما "فارغا" من عمال العاصمة ونقابييها، فيما حضر بكثرة الشباب المعطلون، ووحدات الأمن في العديد من الشوارع والنقط الحساسة بالمدينة، خاصة في شوارع الحسن الثاني ومحمد الخامس، وفي مكان تجمع المحتجين بالقرب من نافورات باب الاحد. ولولا مشاهد معطلين يتربص بهم رجال الأمن لمنعهم من التجمع والاحتجاج، وشباب مكفوفين تدثروا بأكياس خشنة حاملين كسرات خبز، احتجاجا على سياسة الحكومة إزاءهم، ومنصات نقابية متفرقة ظلت فارغة إلا من كراسيها وأبواقها، لما عرف أحد أن اليوم عيد الشغل.