رغم الخلافات السياسية الحادّة التي تخيم دوماً على سماء العلاقات بين الجارتين المغاربيتين، المغرب والجزائر، إلا أنّ تصريحاً لمسؤول جزائري في قطاع السكك الحديدية، غيّر تلك المعادلة وكشف عن تنسيق مغاربي يجمع البلدين إلى جانب تونس، والذي يهمّ إطلاق مشروع مشترك عبر ربطٍ بالقطار الفائق السرعة أو "تي جي في"، الذي سيخترق الحدود ويوصل المسافرين بين البلدان المغاربية الثلاثة. مشروع كبير وجاء المستجد على لسان المدير العام للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية الجزائرية، ياسين بن جاب الله، حين استضافته في برنامج "ضيف الصباح" على أثير "الإذاعة الجزائرية"، حيث كشف عن وجود "مشروع كبير" في طور الدراسة، يهمّ ربط قطار فائق السرعة "تي جي في" لينتقل من المغرب ليصل إلى تونس مروراً على التراب الجزائري، وهو القطار الذي ستتجاوز سرعته 220 كلم في الساعة. ولم يفصح بن جاب الله عن تفاصيل أخرى حول المشروع، ومدى ومستوى التعاون والشراكة المغربية فيه، كما بقيت نقطة الكلفة الإجمالية لهذا المشروع وموعد انطلاقه غامضة، مكتفيا فقط بالإشارة إلى انطلاق دراسات المشروع في الجزائر من أجل تنفيذه مستقبلا و"جعله في خدمة مواطني البلدان المغاربية الثلاثة". خيال وتوقعات تعليقا على المشروع الجزائري، تساءل الدكتور خالد شيات، عن جدوى حديث الجزائر عن مشروع من هذا الحجم في ظلِّ إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر منذ 20 سنة. " هل تفكر الجزائر في فتح الحدود أم أن الأمر لا يتجاوز مشروعا في خيال المسؤولين لينحصر في باب التوقعات وليس الواقع المحكوم بالحدود المغلقة والعراقيل السياسية والاقتصادية التي تحول دون وجود حدود طبيعية بين البلدين" يقول شيات. ولفت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى أن تصريح المسؤول الجزائري قد يكون مرده إلى تعزيز الوحدة المغاربية وهو أمر لا يتحقق في غياب أي استراتيجية مشتركة وموحدة، حيث تبقى مثل هذه البرامج داخلية وخاصة بكل دولة على حدا، مبرزا أن إقامة مشاريع مشتركة من هذا الحجم كان سيكون أمرا محمودا لو وجد وإضافة نوعية ولكنه غير موجود من حيث التنسيق بين الدول المغاربية على اعتبار أن الاتفاقيات كلها غير مفعلة. وخلص الأستاذ الجامعي، إلى أن هذه التصريحات إما أنها تدخل في باب التفاؤل الذي تعبر عنه الجزائر تجاه الوحدة المغاربية، أو تأتي من باب الدعاية بالتشبث بالوحدة المغاربية، مؤكدا أن هناك مجموعة من العراقيل لاسيما السياسية التي تحد من الوحدة المغاربية، في ظل غياب السياسات العمومية لتفعيل أهداف اندماجية بين الدول المغاربية، معتبرا أن الحل يكمن في إحياء جميع الاتفاقيات المغاربية لتعزيز الوحدة المغاربية والدفع بمستوياتها الاقتصادية والاجتماعية. كذبة أبريل وخلف الخبر تعليقات مرحبة كما مستغربة من قبل جزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تسائل رضا زهار كون "الحدود بين المغرب والجزائر مغلقة منذ سنة 1994 فكيف يعقل هذا الخبر ؟ مجرد ضحكة أليس كذلك؟"، فيما أضاف خالد محفوظ قائلا "نتمنى ذلك وليكن بداية تواصل المواطنين والتنقل بدون حواجز وهي مازالت منذ سنين وخطوط السكك الحديدية متوقفة بين البلدان الثلاثة". وتحدث معلق جزائري آخر، يدعى مرايحي عبد الله، مرحبا بالمشروع "فعلا الاتحاد المغاربي ممكن فقط تنقصنا الرغبة والإرادة"، فيما تسائل آخر "زعما التقدم بين دول المغرب العربي غاتكون بهاد الطريقة؟"، أما التوجه المتوجس فرأى في الأمر مجرد "كذبة أبريل" لاعتبار أن الحدود المغربية الجزائرية مغلقة منذ عقدين من الزمن، قبل أن يكمل المتفائلون في الترحيب بالمشروع، كما قال سمير بناصر "خويا خاصنا نكونوا متفائلين علاش لا !"، وفق تعبيره. في سياق ذي صلة، قال المسؤول الجزائري ذاته إن دولته تضع بين يديها مشروعاً داخلياً لتحديث وصيانة الخطوط الجزائرية بهدف بلوغ 12 ألف ونصف كلم على المستوى الوطني في غضون 2025، بدل 4 آلاف كلم الحالية، وذلك عبر اقتناء قاطرات من فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، بكلفة تصل حوالي 1,14 مليار أورو.