عند مدخل باب اليمن، في صنعاء القديمة، يقف حسن، محملا بالكلاشينكوف الخاص به عند نقطة تفتيش، وعيونه الصغيرة القاتمة تفحص السيارات التي تمر من أمامه.مثل معظم الذين يقارب سنهم السبع سنوات في صنعاء، كان حسن يقضي وقته في المدرسة أو في لعب كرة القدم مع أصدقائه. كان ذلك يحصل قبل ثلاثة أسابيع فقط، أما الآن فمدرسته مغلقة، يقول حسن الذي كان إلى غاية الأسبوع الماضي تلميذا، ليتحول بسرعة لحارس نقاط التفتيش في العاصمة صنعاء، نيابة عن المتمردين الحوثيين، الذين تسبب استيلاؤهم عليها منذ العام الماضي إلى فرار الرئيس اليمني، ودفع البلاد نحو المواجهات الحالية في مختلف أنحائها، وفي هذا الصدد قال حسن بنبرة حادة للغاية "نحن نقاتل لحماية بلدنا من الأعداء". عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين، كان قد تعهد في وقت سابق بوقف تجنيد الأطفال، ولكن هذا لم يؤثر على حسن مثلاً، هو واحد من الملايين من الأطفال اليمنيين الذين كانوا يتابعون تعليمهم عندما بدأت قوات التحالف التي تقودها السعودية حملتها العسكرية لطرد المتمردين الحوثيين. هذا الطفل فاجئنا بالقول: "لدينا زعيم، وقد دعانا لمحاربة العدو، لهذا سأحمل سلاحي لحماية نفسي وعائلتي وبلدي "، كلمات نطقها الطفل بكل بفخر، فرغم أنه لم يسبق له تلقي أي تدريب رسمي، لكنه يؤكد "والدي يعلمني استخدام الكلاشينكوف". وفقا لأرقام الأممالمتحدة، يُعتقد أن أكثر من 700 شخص لقوا مصرعهم في الأسابيع القليلة الماضية، بينهم عشرات الأطفال، الذين يتم إقحامهم بشكل متزايد في هذه الحرب. كما أصيب الآلاف ونزح أكثر من 150000 شخص في جميع أنحاء البلاد، في الشهر الماضي، أصبح القتال بين المتمردين الحوثيين والقوات المدعومة من المملكة العربية السعودية ومن الرئيس عبد ربه منصور هادي مكثفا، ونتيجة لذلك، خاضت المملكة العربية السعودية رفقة عدد من الحلفاء الإقليميين السنيين الآخرين، حملة مكثفة من الضربات الجوية ضد الحوثيين في نهاية الشهر، وما تزال تلك الحملة مستمرة في كل أنحاء البلاد. وقبل ذلك، كان الرئيس عبد ربه منصور هادي قد فرّ من العاصمة إلى عدن، التي أصبحت مسرحا لأشد المعارك ضراوة بين الحوثيين والقوات الموالية للنظام والقوات العربية المشاركة في "عاصفة الحزم". جمال الشامي، رئيس مدرسة الديمقراطية، المنظمة غير الحكومية المحلية التي يقع مقرها في صنعاء، يقول: "مسؤولية تزايد أعداد الأطفال المندسين في الصراع لا تُلقى فقط على الحكومة، ولكن أيضا على الحوثيين والميليشيات الجنوبية التي تشجعهم على حمل السلاح"، فالأطفال تسهل استمالتهم عبر المال وتجييشهم عبرالحديث عن واجب الدفاع عن فصائلهم وقبائلهم، وهذا ما يراه الشامي، سببا في إغلاق المدارس، إذ يصبح الأطفال بعد ذلك هدفاً سهلا كعنصر للتسليح، ويضيف الشامي قائلا: "جميع أطراف النزاع رحبت بهم بأذرع مفتوحة، إنها الفوضى فعلا". وقد حذر مسؤول تابع للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، أن حوالي 30 في المائة من المقاتلين في الجماعات المسلحة المتورطة في النزاع لم يصلوا بعد سن ال 18، كما أن جوليان هارنييس ممثل اليونيسيف باليمن كان قد صرّح لوكالة الأنباء الفرنسية حول الموضوع بقوله: "نحن نشهد تواجد الأطفال وسط المعركة، كما نجد عند نقاط التفتيش، قتلى وجرحى فيما بينهم"، وبالإضافة إلى كل هذا، فالوضع الأمني غير المستقر يجعل الحصول على الأرقام الدقيقة للمحاربين القاصرين، الذين ينتمون إلى الفصائل المتحاربة، أمرًا صعبًا للغاية. تواجد المقاتلين الأطفال على خط الجبهة، ومساهمتهم في تفتيش السيارات أو القيام بدوريات في نقاط التفتيش المحصنة في اليمن، ليست شائعة، لأن الأطفال في اليمن قد استُخدموا لأغراض عسكرية قبل استحواذ المتمرّدين الحوثيين على صنعاء، على الرغم من كون السن الرسمية للانضمام للجيش اليمني محدد في 18 سنة. كما أن الزيادة الواضحة في الجنود الأطفال تأتي على الرغم من المحاولات السابقة لوضع حد لتجنيد القاصرين من قبل القوات المسلحة اليمنية وغيرها. ففي ماي الماضي، تمّ التوقيع على خطة عمل بين الحكومة اليمنية والأممالمتحدة لإنهاء ومنع أي تجنيد للأطفال. عاصف، مقاتل آخر يبلغ من العمر 11 عاما، قام عندما كان في سن السادسة، بزيارة صعدة في شمال اليمن، للتمكن من التدرب مع المتمردين الحوثيين، وفي هذا الصدد يقول: "سأفعل فقط ما يأمرنا به القرآن الكريم" يقولها بحماسة ويضيف "أنا لا أحب المدرسة كثيرا، لذلك لم ألتحق بها قط". ثم يردف الطفل بنبرة ملؤها الثقة: "أستمتع بالقتال إلى جانب من يقاتلون من أجل بلدي ضد السعودية وداعش"، وبالإضافة إلى ذلك يقول عاصف: "والدي فخورا بي ويشجيعني على القتال". قبل الغارات الجوية التي تشنها "عاصفة الحزم"، كان أكثر من 16 مليون من سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية. أما بعدها فالطبيعي أن أعداد النازحين قد ارتفعت، أضف إلى ذلك ارتفاع معدلات البطالة، وهذا ما يتسبب في كثير من الحالات، في إجبار الأطفال الصغار على تحمل العبء المالي لأسرهم. الشامي يحذر هنا أنه سيكون هناك معارك أكبر في المستقبل، ويصر على أن "كثيرا من الأطفال قد اعتادو على العنف وساحات القتال، ممّا سيُصعب إقناعهم بالعودة إلى الفصول الدراسية ".