تعيش العديد من مقابر المسلمين بالمغرب وضعية كارثية، حيث إنها تفتقد لشروط النظافة والصيانة، إضافة إلى تفشي سلوكيات لا تليق بحرمة المقابر، وهي أوضاع سبق للجمعية المغربية للتكافل الاجتماعي والحفاظ على حرمة المقابر، أن دقت بشأنها ناقوس الخطر. وأفادت نزهة الجوهري، رئيسة جمعية الصداقة للأعمال الاجتماعية والحفاظ على المقابر، في تصريحات لجريدة هسبريس، بأن "وضعية المقابر بالمغرب كارثية، نتيجة للممارسات الهمجية واللا إنسانية المخالفة لمبادئ وقيم الإسلام السمحة" وفق تعبيرها. وأشارت الجوهري إلى أن "بعض الأموات يطبَّق عليهم حُكمُ الإفراغ ليتم دفن آخرين جدد، إضافة إلى مظاهر أخرى مصاحبة، من قبيل تجارة بخسة على هامش رفات الأموات"، لافتة إلى "ما تتعرض له بعض القبور من نبش، وشعوذة، وهدم، وحرق، وتدنيس". ووصفت الأستاذة الجامعية بكلية العلوم، ما يقع في المقابر المغربية بالفضيحة الكبرى، داعية المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم في تدبير الشأن العام، وإلى التدخل السريع لإيقاف هذا التعدي على حرمة الأموات التي تدنس في واضحة النهار" وفق تعبيرها. وطالبت الجوهري بالإسراع في تهيئة مقابر جديدة تحترم معايير الإنسانية، وتسييج المقابر، وتعيين حراس، مع تشغيل عمال يسهرون على نظافتها وصيانتها، حفاظا على ذاكرة الأموات، وفق التعاليم الإسلامية السمحة التي تجعل منزلة المقابر من منزلة المساجد". محمد بلقاسمي، أحد ساكنة جماعة تكريكرة بنواحي أزرو، لفت إلى الإهمال الكبير الذي تعرضت له مقبرة "الصباب"، حيث تحولت إلى مزبلة تلقى فيها القاذورات، منتقدا "التعدي على حرمة الموتى"، وعدم تدخل السلطات لصيانة هذا الفضاء بما يتوافق والكرامة الإنسانية. وذهبت خديجة، موظفة بجماعة حضرية بسلا، إلى أن مشكل انتهاك مقابر المسلمين بالمغرب لا يقتصر على ارتيادها من طرف المتسكعين والمتشردين والسكارى، بل حتى الباحثين عن "المتعة الجنسية"، مضيفة أن معظمها لا يتوفر على سجلات للدفن، ولا على نظام حراسة". عبد الرحمان، من ساكنة حي يعقوب المنصور بالرباط، يرى من جانبه أن" المقابر أصبحت ملاذا لعشرات الأطفال بدون مأوى يتسللون إليها لقضاء الليلة بها"، مشيرا إلى تحولها إلى مجال لبيع "الفاكهة الجافة، والخبز، وماء الزهر، وعرض خدمات أخرى كصباغة القبور". وتعليقا على الموضوع، اعتبر الدكتور محمد بولوز، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن المقابر إنما هي مزار المسلمين يقصدونها للاتعاظ وتذكر الآخرة، حيث يرى أنه من الواجب أن "تلقى ما يليق بها من المحافظة والنظافة والنظام." ودعا بولوز، ضمن تصريحات لجريدة هسبريس، إلى عدم جعل المقابر مرتعا للمتسكعين والسكارى، ومطرحا للقاذورات، حيث اعتبر أن "حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا، وجب توقيره، وعدم أذيته". وبخصوص ما تتعرض له بعض القبور من نبش، أكد الواعظ أنه "لا يجوز نبش قبر الميت وإخراجه منه، إلا لضرورة شرعية معتبرة يقرر فيها العلماء"، مضيفا أن "الميت إذا وضع في قبره جعل ذلك القبر وقفا له، ليس لأحد التعرض له، ولا التصرف فيه." * صحافية متدربة