أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب، مراجعة سلة تسعير الدرهم ابتداء من اليوم الإثنين، في خطوة منتظرة بعد سلسلة الارتفاعات التي طالت قيمة صرف الدولار في السوق العالمية، وعليه سيتم تحديد الترجيحات الجديدة في 60 بالمئة بالنسبة للأورو و40 بالمئة بالنسبة للدولار الأمريكي مقابل 80 بالمئة و20 بالمئة على التوالي سابقا. وأشار بلاغ مشترك للمؤسستين، أن عملية التَّحيين لن تُسفر عن أي تأثير على قيمة الدرهم التي تتطابق بشكل عام مع أسس الاقتصاد المغربي كما شهد بذلك التقييم الأخير لصندوق النقد الدولي في إطار مشاورات المادة الرابعة لسنة 2014. وأوضح ذات المصدر، أن تحيين ترجيحات العملات المكونة لسلة تسعير الدرهم، سيشكل خطوة أولى في إطار مسلسل الانتقال إلى نظام أكثر مرونة بهدف تعزيز تنافسية المغرب وقدرة الاقتصاد الوطني على مُواجهة الصدمات الخارجية. تقويم ضروري وتعليقا على تعديل ترجيح سلة تسعير الدرهم، أفاد وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد أن الأمر يتعلق ب"تقويم ضروري يعكس تطور المبادلات التجارية للمغرب"، موضحا في تصريح صحفي أن "هذا التقويم يأخذ بعين الاعتبار تطور صورة المبادلات التجارية لبلدنا ويفتح المجال، بالتالي، للتفكير بشأن مرونة أكبر لمعدل الصرف ونظام الصرف بشكل عام". وأضاف بوسعيد "في سنة 2002 كنا نسجل 80 بالمائة من صادراتنا ووارداتنا بالأورو في مقابل 20 بالمائة بالدولار، في حين أن هذه النسبة تناهز حاليا 55 بالمائة بالأورو و42 بالمائة بالدولار والباقي بعملات أخرى، مبرزا أنه كان من الضروري القيام بهذا التغيير لحماية معدل الصرف إزاء الوضع المستقبلي لهذه العملات، وخاصة الأورو والدولار، وترشيد حصة عمولات الصرف الضرورية لبيع واقتناء العملات ولأداء فاتورة الواردات تبعا لمداخيل الصادرات. وأشار الوزير إلى أن هذا التغيير التقني يهدف أيضا إلى تقليص المخاطر التي يمكن أن تثقل كاهل الدين العمومي والخزينة، مسجلا أن مرونة نظام الصرف تظل ملفا مفتوحا على مستوى الحكومة والبنك المركزي. تأثر تنافسية المغرب من جهته، أوضح الدكتور عمر الكتاني، أن سعر الدرهم في السوق الخارجية سابقا مبني في 80 بالمئة منه على تغيُّر قيمة الأورو، وبالتالي فتغيُّر سعر هذا الأخير في السوق العالمية ستؤثر ب 80 بالمئة من التَّغير على قيمة الدرهم. وأشار الخبير الاقتصادي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أنه في حال تغيُّر الأورو بعشرة بالمئة على سبيل المثال، فإن التأثير سيطال 8 بالمئة من الدرهم، وإذا تغير الدولار بعشرة بالمئة فإن تأثيره على الدرهم يصل إلى 2 بالمئة. موضحا أن تراجع الأورو سيكون أكثر وطأة على الميزان التجاري للمغرب على اعتبار أن 70 بالمئة من المبادلات التجارية المغربية مع دول الاتحاد الأوروبي. وأفاد الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، أن المغرب قام بهذه الخطوة تفاديا لتأثير انخفاض قيمة اليورو في السوق العالمية، معطيا فرق القيمة لفائدة الدولار الأمريكي. وبالتالي الحفاظ على استِقرار قيمة الدرهم في الخارج، وحتى لا تتغيَّر الأسعار كثيرا ارتباطا بمن يمارس الاستيراد والتصدير بالدرهم المغربي. ويرى المحلل الاقتصادي، أن تنافسية المغرب ستتأثر سلبيا أكثر منه إيجابيا على اعتبار أن قيمة الدرهم لم تتغير مقابل انخفاض قيمة اليورو، ما يعني أن استيراد المغرب من أوروبا سيرتفع مقارنة مع التصدير نحوه. يشار إلى أن المغرب يعتمد على نظام سعر الصرف الثابت الذي يربط قيمة الدرهم بسلة من العملات الأجنبية لأهم شركاء المملكة التجاريين بناء على نسبة التبادل التجاري مع هؤلاء الشركاء. ومنذ سنة 2001 تم تحديد الترجيحات الخاصة بسلة تسعير الدرهم في 80 في المئة كحصة للأورو و20 في المئة بالنسبة للدولار الأمريكي، وبالتالي فوفق تلك السياسة، فإن ازدياد نسبة التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي يفرض على بنك المغرب زيادة حصة احتياطيات الأورو في سلة العملات.