أبدى المسؤولون الحكوميون الأفارقة، المشاركون في اللقاء الخاص بالوزراء الأفارقة بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال20 لتأسيس منظمة التجارة العالمية، انشغالهم الكبير بمستقبل القارة السمراء الصناعي والتكنولوجي، الذي اعتبروه البوابة الأبرز لضمان انبثاق عهد جديد لقارة عاشت قرونا من الاستغلال والتخلف. وحاول الوزراء الأفارقة، في هذا الملتقى الذي ناقش خلاله المشاركون مواضيع ذات صلة بالنجاحات والتحديات المستقبلية للمنظمة العالمية للتجارة في القارة السمراء على وجه الخصوص، السبيل الأمثل لفك شيفرة "تجسيد مفهوم سلاسل القيمة العالمية" وعولمة الإنتاج التي يسهلها بشكل كبير رفع الحواجز أمام التجارة والاندماج الأسواق العالمية والتموقع الجغرافي وكذا استغلال التقدم في مجال التكنولوجيا الحديثة. مولاي حفيظ العلمي، وزير التجارة والصناعة والاستثمار والتكنولوجيات الحديثة، بدا براغماتيا في هذا الملتقى واستغل كل لقاءاته مع المسؤولين الأفارقة المشاركين في ملتقى مراكش من أجل التأكيد على ضرورة تكتل دول إفريقيا في كيان اقتصادي من أجل فرض نفسها في سوق عالمية لا تعترف سوى بالتجمعات الإقليمية والقارية القوية. وقال الوزير المغربي مخاطبا المشاركين "المغرب يضع تجاربه التي راكمها في السنوات الماضية، رهن إشارة الدول الإفريقية من أجل المساعدة في بناء اندماج اقتصادي قوي بين الدول الإفريقية تساهم في تعزيز مكانة القارة وتقويتها". الوزراء والمسؤولون الأفارقة أكدوا بدورهم على إن أهمية مساهمة الدول والمقاولات الإفريقية في سلاسل القيمة العالمية، واعتبروها أنها أصبحت مسألة مسلم بها، تعد عاملا حاسما في الديناميكيات الاقتصادية على أساس التنمية الصناعية والابتكار التكنولوجي ونشر المعرفة وخلق فرص الشغل. وسجل المشاركون أن مساهمة الدول الإفريقية في سلاسل القيمة العالمية محدودة بالنظر إلى هيكلة الصادرات الإفريقية اتجاه بقية العالم والتي تهيمن عليها المواد الخام، كما لا تتجاوز حصة إفريقيا داخل سلاسل القيمة العالمية نسبا خجولة، حيث ارتفعت بشكل باهت من 1,4 في المئة إلى2,2 في المئة. ويقول الخبراء الأفارقة إن حصة القارة السمراء في الصادرات العالمية من سلع التجهيز الوسيطة، تظل دون أهمية تذكر. ويشيرون في ذات الوقت إلى أنه من الصعب تحقيق صناعة ناجحة واندماج في سلاسل القيمة العالمية دون عملية فعالة لتنمية القيمة المضافة المحلية والإقليمية. ويعترف المسؤولون أنفسهم أن جهود التكامل الإفريقي تظل لحد الآن غير قادرة على ضمان تعزيز حقيقي لسلاسل القيمة الجهوية في إطار التعاون والشراكة بين الدول الإفريقية، فالمقاولات الإفريقية لازالت تعاني من صعوبة في بيئة الأعمال مما يشكل حاجزا أمام تدويل المشاريع. وتظل مسألة تحرير المنتوجات الصناعية وخفض الحواجز أمام التجارة من الطرق المثلى لتشجيع التبادلات التجارية، يقول الوزراء الأفارقة، الذين يؤكدون أن هذه الحواجز تشمل الجوانب مرتبطة بالرسوم الجمركية، والتدابير غير التعريفية مثل حظر الصادرات أو الحصص الشيء الذي يحد الكميات بشكل انتقائي. ويؤكدون أنه من أجل الاستفادة بشكل أفضل من نظام تجاري متعدد الأطراف وتحرير تبادل المنتجات الصناعية، الذي يعتبر موجِها حقيقيا لخلق فرص العمل والنمو، يجب تشجيع الدول الإفريقية على رفع مجموعة من التحديات المتعلقة بنوعية السياسات العملية للتصنيع التي يجب نهجها، وتحديد الكيفية التي تعزز التكامل الإقليمي الإفريقي وكذا الاندماج في سلسلة الإنتاج العالمية، والبحث عن السبل التي من شأنها إنجاح تحديات تعزيز الابتكار والتكوين ذو الجودة وكذا ريادة الأعمال، إلى جانب ضمان رفع الحواجز التقنية للتجارة التي تعيق الولوج إلى الأسواق.