اختتمت أمس الجمعة بمدينة مراكش, أشغال القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال، التي تنظم لأول مرة في بلد إفريقي، بتجديد التأكيد على أن المغرب بإمكانه أن يتحول إلى بوابة اقتصادية عالمية تربط بين المنطقة العربية وأوربا وأمريكا وإفريقيا. وقد مكن انعقاد القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال،التي عرفت حضورا يوميا لما لا يقل عن ثلاثة آلاف من رجال ونساء الأعمال ورؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين وحاملي مشاريع وخبراء من مختلف دول العالم، أن تجعل المغرب يكرس من جديد مكانته بين شركائه ويؤكد على دوره الريادي على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط. ويعتبر احتضان مراكش لأشغال القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال ، بمثابة اعتراف بالدور المركزي الذي يضطلع به المغرب على الصعيد الدولي، وإشادة بالتزام جلالة الملك محمد السادس لفائدة إقامة علاقات مبتكرة بين الشمال والجنوب. وهو الأمر الذي أبرزه جلالة الملك، في رسالة سامية إلى المشاركين في أعمال هذه القمة أول أمس الخميس، تلاها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، حين قال إن انعقاد هذه القمة بالمغرب ، «يؤكد مكانة وطموح المملكة، التي تعتبر تعزيز شراكتها مع القارة خيارا استراتيجيا محسوما لا رجعة فيه»، مذكرا بأن المغرب، استنادا إلى اختياراته الكبرى، وقيمه الثابتة، يؤكد التزامه القوي بأهداف القمة العالمية لريادة الأعمال. و أن المغرب «يعبئ طاقاته من أجل النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة، ويستثمر في ثقافة ريادة الأعمال، ويشجع تبادل الخبرات والمعارف، والاستغلال الأمثل لعناصر التكامل، خاصة بين بلدان الجنوب». كما جسدت القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال، التي نظمت ما بين 19و21 نونبر الجاري بمراكش تحت شعار «تسخير قوة التكنولوجيا لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال» اقتناع الحكومة الأمريكية بالدور المحوري الذي يضطلع به المغرب في العلاقة بين واشنطن ومجموع الدول الإفريقية باعتبار المغرب بوابة حقيقية نحو القارة السمراء وترجمة لإرادة الرباط في الانفتاح أكثر فأكثرعلى محيطها العالمي ومناسبة لإبراز الأنشطة والجهود التي تقوم بها في مجال الانفتاح الاقتصادي، والتعاون الدولي والإقليمي والقاري. وفي هذا الإطار, جدد نائب الرئيس الامريكي جو بايدن أول أمس الخميس في كلمة خلال حفل افتتاح القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال بمراكش، عزم الولاياتالمتحدة الراسخ على تعزيز علاقات الشراكة مع المغرب، وخاصة في ميدان تشجيع المقاولة والابتكار بمراكش استعداد بلاده لتقوية شراكتها مع المغرب. كما أعلن عن إطلاق مبادرة كريستوفر ستيفنس للتبادل الافتراضي والذي يهدف إلى تعزيز التبادل بين الشباب الامريكي ونظرائهم بمنطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا التي ستعطى انطلاقتها من المغرب عبر مشروع نموذجي بداية عام 2015، تهدف إلى تقوية قدرات الشباب لرفع التحديات المحلية والدولية من خلال تعزيز عنصر التنافسية لديهم. وشدد نائب الرئيس الامريكي على أنه إلى غاية اليوم، أعلن المغرب وقطر والإمارات العربية المتحدة عن التزامات مالية تزيد عن 31 مليون دولار برسم السنوات الخمس القادمة، في إطار هذه المبادرة، مضيفا أن شركاء في القطاع الخاص سينخرطون في هذه المبادرة. وأعلن أيضا قرار الحكومة الامريكية لاستثمار نحو 50 مليون دولار إضافية في إطار برنامج تحدي الألفية، لدعم استراتيجية المغرب في مجال التكوين المهني في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، معلنا في السياق ذاته عن إقامة أكاديمية بالمغرب لتكوين المقاولين. ويرتقب أن تساهم هذه الاكاديمية، التي سيتم بناؤها بشراكة مع شركة فولفو، في تكوين 150 مقاولا سنويا من المغرب وكوت ديفوار والسينغال. وسيتمحور التكوين بالأساس حول القطاعات التكنولوجية والصناعية بغية تهييء مقاولي المستقبل على رفع التحديات الجديدة لسوق الشغل. من جهة أخرى، أعلن نائب الرئيس الامريكي أن حكومة بلاده ستضع رهن إشارة المغرب، وبشراكة مع إسبانيا ، خطا ائتمانيا بقيمة سبعة ملايين دولار لتمويل مشروع يرمي إلى إحداث وحدة جديدة للتخزين على مستوى ميناء طنجة المتوسط. ويرتقب أن يساهم هذا المشروع، الذي يندرج في إطار اتفاق التبادل الحر واستراتيجية المغرب الرامية إلى عصرنة القطاع الفلاحي، في تشجيع الصادرات الفلاحية نحو الأسواق الرئيسية للمغرب. كما أعلن جو بايدن أن أولى عمليات الشبكة العالمية للمقاولة سيتم إطلاقها من المغرب. وقال بايدن إن الولاياتالمتحدة ستعمل على توسيع الفرص الاقتصادية للجميع، ولاسيما للشباب والنساء، مضيفا أن واشنطن سترصد لهذا الغرض غلافا ماليا بقيمة مليار دولار لدعم القطاع الخاص في العديد من البلدان خلال السنوات الثلاث المقبلة. وتميزت القمة بمشاركة الرئيس الغابوني علي بانغو أونديمبا الذي أكد في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية الرسمية للقمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال أن دينامية الاقتصاد المغربي تعد نموذجية بالنسبة لبلدان القارة الإفريقية. وأثنى الرئيس الغابوني على المجهودات التي يبذلها المغرب في مجال تشجيع تبادل الخبرات والمعارف مع بلدان القارة الإفريقية، معتبرا أن المغرب يعد نموذجا يحتذى في مجال المقاولة. كما أكد الرئيس الغيني ألفا كوندي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال, أنه يتعين على بلدان القارة الإفريقية بلورة رؤية تنموية جديدة للإقلاع الاقتصادي، على غرار البلدان الآسيوية، لجذب الاستثمارات، لاسيما وأن القارة تتوفر على يد عاملة مهمة تحتاج فقط لتكوين ملائم. وشهدت القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال بمراكش حضور أزيد من ثلاثة آلاف مندوب ينحدرون من أزيد من 50 بلدا من أجل التبادل والمناقشة وخلق فرص جديدة للشراكات والأعمال مبنية على روح الابتكار والفرص الجديدة التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة. وأقيمت أشغال القمة على شكل جلسات عامة وموائد مستديرة وتظاهرات ملحقة بناء على برنامج غني ومتنوع ، يتمحور حول عدة مواضيع تهم الاندماج الاقليمي والنمو الاقتصادي المستدام والابتكار الاجتماعي للشباب والتنمية البشرية والهجرة.