أفرج المجلس الأعلى للحسابات عن تقريره السنوي حول عمليات المراقبة التي قام بها قضاة المجلس برسم سنة 2013، وهو التقرير الذي يرصد اختلالات العديد من المؤسسات العمومية وطريقة صرفها للمال العام، وضمنها حالة "التسيب" التي تعرفها الإعفاءات الضريبية المقدمة من طرف الدولة للعديد من القطاعات العمومية. فحسب التقرير المكون من أربعة أجزاء، أصبحت الإعفاءات الضريبة التي تسنها الدولة لبعض القطاعات الاقتصادية لتحفيزها، تفوق في مبلغها الإجمالي ميزانيات قطاعات وزارية مهمة كالداخلية أو الصحة أو التجهيز والنقل، خصوصا وأن هذه الإعفاءات تعرف نموا مستمرا، لدرجة أنها بلغت خلال السنة الماضية أكثر من 34 مليار درهم، وهو ما يمثل 17.1 في المائة من مجموع المداخيل الضريبية و3.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ووفق الأرقام الواردة في تقرير المجلس فإن مجموع الإعفاءات الضريبية التي تحملتها الدولة خلال الفترة من 2005 إلى 2014 بلغت 284 مليار درهم، بيد أن المجلس انتقد خضوع هذه النفقات لتقييم جزئي، وعدم تقييم كلفتها على الاقتصاد المغربي بشكل كامل. ورصد قضاة المجلس "غياب التأطير القانوني" المناسب للإعفاءات الضريبية، مستدلا على ذلك بعدم وجود تعريف محدد للإعفاءات الضريبية المعروفة باسم النفقات الجبائية، بل إن المجلس لاحظ غياب أي نص قانوني يحدد مفهوم هذه الإعفاءات، حتى مدونة الضرائب التي تعتبر النص المرجعي في مجال الضرائب، "لم تخصص أي تعريف لهذا المفهوم". "نظام الإعفاءات الضريبية لا يخضع لأي نظام للحكامة أو التتبع حتى يمكن ضبطها" كانت هذه واحدة من بين الملاحظات العديدة للمجلس على نظام الإعفاءات الضريبية بالمغرب، بل إن المجلس وصف وضعية الإعفاءات الضريبية ب "المقلقة"، والسبب هو أن الحكومة لا تتوفر على رؤية واضحة" بخصوص مراجعة الاستثناءات التي لم تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منها، أو حتى إلغاء الإعفاءات التي أصبحت متجاوزة. ولعل غياب الرؤية في التعامل مع الإعفاءات الضريبية التي يتحدث عنها المجلس الأعلى هو الذي يجعل منها تتزايد وتتحول إلى عبء على ميزانية الدولة عوض أن تكون وسيلة لتحفيز القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية بالبلد. وقدم المجلس أبرز تجليات غياب نظام الحكامة في تسيير الإعفاءات الضريبية، والمتمثلة أساسا في عدم تمكين الإعفاءات من "آليات للقيادة والتتبع والتقييم"، إذ أن تتبعها يقتصر على الإحصائيات واحتساب الخسائر الحاصلة في الموارد المالية حسب قضاة المجلس، الذين لفتوا إلى مسألة "ندرة" الدراسات حول ما تم تحقيقه بسن بعض الإعفاءات الضريبية. وكشف المجلس أيضا عن اعتماد النظام الحالي للإعفاءات الضريبية على إحصائيات وأرقام واردة من بعض القطاعات الوزارية والإدارية، دون التأكد من أن هذه الإعفاءات قد حققت الأهداف المنتظرة منها. ومن بين مظاهر "الفوضى" التي تعرفها الإعفاءات الضريبية، ما لاحظه المجلس من كون الإعفاءات غير محددة بسقف زمني، "فالغالبية العظمى من النفقات الجبائية يتم إحداثها دون تحديد مدة صلاحيتها مما يجعل منها نفقات دائمة" حسب قضاة المجلس الأعلى للحسابات، إذ أنه من بين 402 إعفاء ضريبيا تم إحصاؤه سنة 2012 تسعة منها فقط هي المحددة بجدول زمني.