من يعرفها عن كثب يقول إنها كانت قيْد حياتها سيدة كتومة، وصابرة، نذرت حياتها لرفيق دربها الشيخ الراحل، عبد السلام ياسين، مؤسس جماعة العدل والإحسان، ومرشدها الروحي..إنها خديجة المالكي الشافعي السباعي، التي انتهت حياتها يوم الأربعاء لتنتقل إلى جوار "حبيبها" التي طالما نادته ب"سيدي عبد السلام". أرملة ياسين، المنحدرة من قبيلة أولاد بن سبع بإقليم الساقية الحمراء، لم يكن يُعرف عنها، إبان حياتها، إلا النزر اليسير، فقد كانت تنأى بنفسها عن عدسات المصورين، أو أن تكون محط اهتمام الصحفيين، فلم يكن يفزعها أكثر من الظهور والأضواء، وكانت مُحبة للخفاء" يقول أحد مقربيها لهسبريس. هسبريس حاولت أكثر من مرة، عبر أفراد من أسرة الراحلة أرملة ياسين، بأن تجري معها حوار صحفيا، خاصة بعد رحيل مؤنسها، غير أنها استبعدت الفكرة بأدب جم، مفضلة التفرغ لذكرى رفيق حياتها، حيث كانت ترى في الظهور الإعلامي ترفا لا تستحقه، وهي التي تفضل لقب "الفقيرة". جمعت الصوفية أول ما جمعت بين قلبي خديجة وياسين، حيث ائتلفا على حب شيخ الطريقة البودشيشية، الشيخ الراحل العباس، حتى أنها قبل اقترانها بعبد السلام ياسين، رأت في المنام رؤيا تبشرها بنيلها "خبزة"، ولم تستطع حينها تأويل رؤياها، غير أنها أدركت بعد ذلك أن الخبزة لم تكن سوى رفيق حياتها الشيخ ياسين. وكانت السيدة خديجة المالكي قد روت حكاية الرؤيا، في حوار فريد ووحيد لموقع نسائي تابع لجماعة العدل والإحسان، أنها التقت يوما بالشيخ "سيدي العباس" في منزل "سيدي عبد السلام"، فذهبت "الفقيرات" لرؤيته، وليلتها رأت في منامها أن "سيدي العباس" أعطاها خبزة كبيرة، وقال لها "هذه خبزتك". ويشيد المقربون من خديجة المالكي، وأنصار "الجماعة" عامة، بما ذاقته من صعاب ومحن في خضم وقوفها بجانب زوجها حينئذ، الشيخ ياسين، عندما الزج به في مستشفى الأمراض العقلية، قبل أن يوضع رهن حراسة جبرية، حيث لاقت تلك المحن بصدر رحبن وعقيدة لم تهتز يوما" يقول المصدر. وتتذكر أرملة ياسين، التي التحقت برفيق دربها بعد أكثر من سنتين من وفاته، مشهدا لم يفارق ذهنها أبدا، وذلك عندما كتب "رسالة الإسلام أو الطوفان" التي وجهها إلى الملك الراحل الحسن الثاني، وجاء رجال الأمن ليعتقلوه من بيته، فقام غير وجل، وتوضأ وصلى ركعتين، وقرأ القرآن بصوت مرتفع أدخل الارتباك في نفوس رجال الأمن" وفق روايتها. ولا تخفي "الفقيرة" البودشيشية أن مرحلة ما سمته "الحصار" على زوجها حينئذ كانت بالغة الصعوبة على نفسها ونفوس أفراد عائلتها الصغيرة، فقد كانت والدتها ممنوعة من زيارة الشيخ ياسين، كما منعت نجلتها نادية من ولوج المنزل فترة من الزمن، وحرم الأبناء من ملاقاة أبيهم. المقربون من الراحلة أرملة ياسين يشهدون أنها كانت صوامة قوامة، لسانها رطب من ذكر الله تعالى، لا تنفك عن قراءة القرآن الكريم، وأنها واجهت موت ياسين بصبر وحلم رغم قربه العاطفي الشديد منها، حيث عاشرته وجاورته في سرائه وضرائه، ولم تتخل عنه يوما إلى أن أزف رحيلها لتلتحق بالحبيب "صاحب الخبزة".