تحوّلتْ ندْوةٌ حوْل التشيُّع في المغرب نظّمها فرع حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، بالرباط، إلى ساحةٍ لتجاذُبٍ قويّ بيْن الحركة والشيعة المغاربة، الذين لا تتوفّرُ أرقام رسميّة حوْل عددهم. وصرّح محمد بولوز عضو حركة التوحيد والإصلاح أنّ ضغوطاً مُورستْ على السلطات من طرف الشيعة لمنْع تنظيم الندوة، قائلا "هذه الندوة لم يتيسّر أمرها إلا بهياط ومياط، بعدما مزّقوا اللافتات، وضغطوا على السلطات لمنْع هذا النشاط". وكانَ شيعة مغاربة ينتمون إلى ما يسمّى "الخطّ الرسالي" قدْ أصدروا بيانا هاجموا فيه التوحيد والإصلاح، معتبرين الندّوة التي نظمها فرع الحركة بالرباط تحت عنوان "التشيّع: الظاهرة، المحاذير، الوقاية"، (اعتبروها) تحريضا ضدّهم. في المقابل حذّر محمد بولوز من خطرِ المدّ الشيعي في المغرب، قائلا إنّ اختيارَ موضوع التشيّع للندوة "ليسَ المقصود به جهة معيّنة"، في إشارة إلى الشيعة المغاربة، وأضاف "هدفنا هو التنبيه إلى ضرورة تحصين المجتمع من الاختراقات الخارجية". وعلى الرغم من أنّ عددَ الشيعة في المغرب قليل، ولا يتعدّى بضْع مئات أو آلاف، حسبَ تقديرات غير رسميّة، نبّه بولوز إلى أنّ المجتمع المغربيَّ يُعاني من "هشاشة دينيّة وثقافية"، ويرَى أنّ هذا العامل قد يستغلّه الشيعة لتوسيع دائرتهم في المغرب. وانتقدَ بولوز دوْلة إيرانَ بشدّة، والتي تُعتبرُ أكبر مركز للشيعة في العالم، قائلا "في ظلّ الهشاشة التي تضربُ عُمق المجتمع المغربي، ليس مستبعدا أن يستجيب أفراد المجتمع للتشيّع الذي له دولة ترعاه وتقوّيه وتستثمره لمصالحها"، واصفا التشيّع ب"الوباء الحضاري الخطير". بولوز دَعا إلى عدم تهويل أمر وجود الشيعة في المغرب، معتبرا أنّ الأمر لم يرْقَ بعدُ إلى ظاهرة، غيْر أنّه أكّد على ضرورة أخذ الحذر، مُحذّرا من خطر "التقية" التي يُمارسها الشيعة، بحسب تعبيره، قائلا "الخطير فيهم هو التقيّة، فعندما يكونون ضعفاء يتمسْكنون، وحينما يتمكّنون يلجؤون إلى القتل والترهيب". وفي ردّ ضمنيّ على اتهام الشيعة لحركة التوحيد والإصلاح بالتحريض ضدّهم، قال محمد طلابي، الملحق بديوان رئيس حركة التوحيد والإصلاح وعضو مكتبها التنفيذي سابقا، "هذه الندوة ليستْ تحريضياً ضدّ أحد، بلْ ندوةً علميّة هدفُها الحثّ على ضمان استقرار الأمن العقدي والسياسي والاجتماعي في المغرب ودول المغرب الكبير وشمال غرب إفريقيا". وفي تلميحٍ إلى إيران، قال طلابي "نريد أن نظلّ أوفياء لنظامنا السياسي، ولوطننا، ولا نُريد ولاءات سياسية خارجَ وطننا، ولا أنْ ندين بولاء لدوْلة أخرى"، وأشارَ طلابي إلى الحروب الطائفية الدائرة رحاها في عدد من البلدان العربية، قائلا "لابدّ لنا من إستراتيجية استباقية لحماية أوطاننا، حتّى لا نرى الرؤوس تُقطع بالآلاف في الرباط أو الجزائر أو نواكشوط أو القاهرة"... وفي حين قال محمد بولوز إنّ كلّ قنوات الحوار مع الشيعة مُغلقة، "لأنّ اختلافنا معهم قائم على أنّهم يضربون في الأصول الكبرى وليس الاختلاف في الفروع"، وافقه طلابي بالقول "التقريبُ بيْن الشيعة والسنّة خُرافة، لكنْ يمكن أن نتعايش من أجْل بناء تكتّل إسلاميّ قوي له حضور في القيادة الحضرية للقرن الواحد والعشرين، فلَنَا نبيّ واحدٌ ووحْي واحد". غيْر أنّ هذا التعايش بيْن السنّة والشيعة لا يعني التقارب، بحسب طلابي، الذي قالَ فيما يُشبه "قطع شعرة معاوية" مع الشيعة "التعايش لا يعني الاندماج"، وصعّد لهجته قائلا "يجبُ عليْنا أنْ نرفَع شعار أنّ تشييع السنّة جريمة شنيعة، وتسْنين الشيعة (جعْلهم يتبعون المذهب السنّي) جريمة في حقّ الأمّة"، وتابع محذّرا "وجود طائفة شيعيّة هنا قدْ ينتهي إلى حرب طائفيّة في نصف القرن". غيْر أنّ طلابي رحّبَ بالحوار مع الشيعة المغاربة وقال إنّ "لا مانع من أنْ يأتوا ويُعبّروا عن رأيهم، ونعبّر نحن عن رأينا، فربّما تمّ التغريرُ بهم"، ووافق عادل رفوش المشرف العام لمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث طلابي، قائلا "نحن لا نخشى مناقشة الأفكار، ولكنّ المشكل في الشيعة هو أنّهم يتجنّبون مواجهة العلماء ويبثّون السموم في عقول الضعفاء والفقراء". وحدّدَ رفوش عددا من أسس الوقاية من المدّ الشيعي في المغرب، صدّرها بضرورة إرجاع القيمة والهيبة لعلماء المغرب، موضحاً أنّ العُلماء على ما هُم عليه اليوم من انطواء، "يجْعل غير العلماء يتلقّفون"، داعيا إلى توحيد مرجعيّة علماء المغرب، وإحياء دراسة العقيدة على منهاج السنّة والمنهاج السلفيّ، وإظهار تناقضات الشيعة، وبسْطها أمام الناس حتّى يكونوا على بيّنة من أمرهم. وأيّد رفوش ما ذهب إليه بولوز وطلابي من استحالة التقارب مع الشيعة، الذين وصفهم ب"أهْل التكفير بامتياز"، قائلا "على الناس أن يعرفوا أّنّ إيران تقْمعُ أهْل السنّة، وهذه الدولة لا تحرص على توأمة ولا على تقريب، فدعونا من الحديث عن التقريب، لأنّ الولاء الدائم للشيعة هو لإيران".