بسطَ الملك محمد السَّادس، الوضعَ الرَّاهن للقارَّة الإفريقيَّة ووصفةَ معالجتهِ، في رسالةٍ وجههَا إلى منتدَى "كرانسْ مونتانَا"، المنعقدْ في مدينة الداخلَة، حيثُ عرجَ على الإرث الثقيل لحقبة الاستعمار وما أذكتهُ من نعرات، وصُولًا إلى خطر الإرهاب الذِي باتَ يهددُ أكثر منْ دولة، بموازاة الإشكالات التنموية. الملكُ قال في رسالةٍ تلاهَا اليوم رئيسُ الحكومة، عبد الإله بنكيران، إنَّ القارة الإفريقية دفعت الثمن غاليًا، وأكثر من غيرها، أيَّام الاستعمار، كما في الحرب الباردة، التي لمْ تكن نهاية الإشكال، بحيث لا تزالُ تكابدُ معاناةٍ حتى اليوم، بسبب الحدُود الموروثَة عن الاستعمار التي لا تزالُ تشكل البؤر الرئيسية للكثير من الاضطرابات والنزاعات. كما لا تزالُ خطوطٌ كثيرة للتصدع تخترقُ القارة الإفريقية، بحسب ملك المغرب، في حين كان من المفرُوض أنْ تساعد الثروات المهمة التي تتوفر عليها بلدان القارة على الاندماج بين المكونات المجالية المختلفة، التي عمل الاستعمار على إذكاء النعرات فيما بينها، لتخلق تجزئة يتوجبُ زيادةً على ذلك، ينضافُ الوضع الأمني الهش والمتفاقم، اليوم، في كثير من المناطق، بحسب الملك، حيث أصبحت تعيشُ تحت تهديد أخطار جديدة عابرة للحدود، بالقدر الذِي تعانِي الجريمة المنظمة والمخدرات الاتجار في البشر والتطرف. ووتطلبُ التحديات الماثلة، اليوم، أمام دول القارة الإفريقية، يقول الملك، ردًا جماعيًا وتفكيرا سويًّا، في ظلِّ وجود ما يبعثُ على التفاؤلُ بالمستقبل، كمعدلات النمو الاقتصادِي التي تتحققُ في القارة، وقدْ ارفعتْ مبادلاها التجارية بمائتين في المائة. وتوردُ الرسالة الملكية أنَّ ما يصبُو إليه المغرب هو تحويلُ المنطقة إلى قطبٍ للتلاقِي بين المنطقة المغاربيَّة وجنوب الصحراء، زيادة على الاضطلاع بدور محورِي في الاقتصاد الإفريقي المستقبلِي. الرسالة ذاتها، أشارت إلى رؤية الجهويَّة الموسعة في المغرب، وتوق المملكة عبرها إلى استثمار الخصوصية المحلية، لكل منطقة والنهوض بالحكامة المحلية والجهوية. وذكر الملكُ محمد السَّادس بما يوُلى في المملكة منْ اهتمامٍ بإفريقيا التي صار من ركائز السياسة الخارجية، إذْ جرى إفرادُ أكثر من زيارة لبلدانها، في الأعوام الأخيرة، وذلك في نطاق جنوب جنوب، الذِي يسعى معه المغرب إلى جعل القارة في قلب الاهتمامات الجيو استراتيجيَّة. ووفقًا للرسالة الملكية، فإنَّ المغرب لم يدخر في العمل لأجل إفريقيا حديثة وطموحة مبادرة ومنفحة، تكون قارة فخورة بهوية وقوية برصيدها الثقافي ولها القدرة على تجاوز الاديلوجيَّا المتقادمة. وأردف الملك أنَّ المملكة التي كانت ترفض النظرة المتشائمة تدعم سياسة مندمجة، اليوم، بصورة لا تقتصر على الفاعلين الحكوميين وتتجاوزهم الى الفاعلين الاقتصاديين والقطاع الخاص، لافتًا إلى أهمية التكتلات، التي ما فتئ المغرب يدعُو إزاءها إلى إحياء الاتحاد المغاربِي.