يريدون ب"الاغتصاب الزوجي" إكراه الزوجة على الجماع بالعنف؛ وهو منهي عنه في ديننا؛ ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم)، وفي رواية جلد البعير.قال الحافظ في الفتح عند شرح الحديث : "والمجامعة أو المضاجعة، إنما تستحسن مع ميل النفس والرغبة في العشرة ، والمجلود غالبا ينفر ممن جلده".. لكن السيدة المستشارة فوزية البيض تأبى إلا أن تتهم مرجعيتنا الاسلامية والفقهاء بشرعنة هذا السلوك الهمجي. في رسالة مفتوحة إلى السيدة وزيرة الأسرة والتضامن، تقول البرلمانية عن حزب الاتحاد الدستوري فوزية البيض: "الفقهاء يجمعون على أن الزواج هو عقد تملك للبضع؛ والبضع يفيد تملك الرجل لفرج المرأة، التي يتم هنا اختزالها في هذا العضو فقط. والزواج هو تمليك حق منافع البضع من طرف الزوج.التعريفات أعلاه لا تورد ما يفيد التبادل في هذه المنافع؛ إلى درجة جعلت فيها المرأة من المتاع المملوك للرجل، وتكرس عند البعض التعامل معها على هذا الأساس..بل إن فريقا (من الفقهاء) كان يحلل الاغتصاب الزوجي ويعتبره حق من حقوق الزوج على زوجته، التي إن رفضت المضاجعة تلعنها الملائكة..في المجتمعات الذكورية، تتربى المرأة على طاعة زوجها و الرضوخ له و الانصياع لنزواته ولأوامره. هذا المجتمع يعترف فقط باحتياجات الرجل الجنسية، بينما يرى أنه ليس من حق المرأة التعبير عن احتياجاتها الشبقية، وإن فعلت ذلك، فانها ذات سوابق". ثم السيدة المستشارة البرلمانية تنقض غزلها، وهي تقول : "صحيح أن الاغتصاب الزوجي من أكثر الجرائم شيوعاً على المستوى العالمي.."؛ بمعنى أن هذه الآفة غير مرتبطة بمرجعيتنا الفقهية، وغير مرتبطة بغياب ثقافة المساواة بين الزوجين كما تزعم السيدة فوزية البيض، لأن هذه الثقافة مترسخة في دول الغرب، ومع ذلك لم تمنع العنف الزوجي، كذلك سنّ القوانين المجرّمة للاغتصاب الزوجي لم تمنع من الارتفاع المهول لهذه الظاهرة في الغرب (60 في المائة من الدعوات الهاتفية بالليل التي تتلقاها شرطة باريس، عبارة عن استغاثة من نساء يتعرضن للعنف الزوجي). المفروض إذن أن نبحث في نفسية المرأة والرجل دون أن نسقط من حساباتنا الخلفيات الثقافية، وقد أجبنا عن جزء من هذا الإشكال في مقال سابق السنة الماضية تحت عنوان: "حقوق المرأة بين مرجعيتين"، فالإسلام يعالج هذه المسألة من زاويتين: الزاوية الأولى: تتعلق بواجب الزوجة الأخلاقي تجاه زوجها بإجابة دعوته للجماع متى طلبها، إلا أن تكون في ظروف لا تسمح لها بذلك، لأن امتناعها المستمر عن فراش زوجها يدفعه للتوتر وإذايتها أو خيانتها (تشير الدراسات إلى أن 70 في المائة من الرجال يخونون زوجاتهم في أمريكا). الزاوية الثانية : تتعلق بواجب الزوج الأخلاقي تجاه زوجته بأن يهيئها للجماع، ويأخذ وقته حتى تقضي حاجتها الفطرية؛ فلا تكاد زوجة تمتنع عن فراش زوجها إذا اجتهد في حسن مضاجعتها، وقد سبق أن بينا في مقال سابق السنة الماضية ما يجوز وما لا يجوز في العلاقة الجنسية بين الزوجين . فمن حقوق المرأة الجنسية: الحق في الوطء، قال الفقهاء لها أن تطلب الطلاق إذا كان الزوج عاجزا عن إشباع رغبتها وقضاء وطرها في الشهوة لعيب من العيوب، لقوله تعالى : ( ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف).قال العلامة ابن الصديق : "لأن الزواج شرع لإحصان الزوجين معا، فالحكم في ذلك دائر مع العلة المانعة من الاستمتاع الكافي، وربما كانت المرأة أشد حساسية بذلك..". وقال جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرها :"لا يجوز للزوج أن يعزل عن زوجته إلا بإذنها، طلبا لتمام حصول اللذة عندها".ومن حقوقها الجنسية: المبالغة في مداعبتها تهيئة لها لقضاء وطرها.قال أبو عبد الله أصبغ، وهو من أئمّة المالكية (ت. 255 ه) : "يجوز للزوج أن يلحس فرج زوجته، لأن رطوبة فرج المرأة غير نجسة". يقول العلامّة ابن الصديق :" جاءت الشريعة في التأكيد على الملاعبة قبل المواقعة، وجعلت ذلك من خير لهو الرجل، ففي الحديث الصحيح: ( كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا تأديبه فرسه، ورميه عن قوسه، وملاعبته أهله).ونهى صلى الله عليه وسلم عن المواقعة قبل الملاعبة فقال :(لا يقع أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول؛ قيل : وما الرسول؟ قال القبلة والكلام)..وقال صلى الله عليه وسلم : (من العجز أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها، ويضاجعها فيقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجتها).. وقال ابن الحاج في المدخل : وينبغي له إذا قضى وطره أن ألا يعجّل بالقيام لأن ذلك يشوّش عليها، بل يبقى هنيهة حتى يعلم أنها قد انقضت حاجتها..".قلت : وهذا كله مبسوط في كتب الفقه منذ قرون؛ لكن السيدة المستشارة البرلمانية هدفها إلصاق التهمة بمرجعيتنا الإسلامية، من خلال البحث عن الشذوذات الفقهية وتحويلها إلى إجماع.معظم النساء في العالم (2 من 3)، يعانين عدم استيفائهن حقوقهن في الجماع، وذلك راجع لأسباب يبينها ليس هذا مجال بسطها.(sexologie)علم النفس وعلم لكن يجدر بنا أن نبيّن أهم هذه الأسباب ولو بعجالة: وهي سرعة القذف، وضعف مدة الانتصاب عند الزوج، وهي أمراض تعالج في الطب الحديث؛ كذلك تعاطي المومسات يربي في الرجل عدم الاكتراث بشريكته، لأن المومس غايتها المقابل المادي، وربما تفرض عليه وقتا قصيرا في الجماع، فيدرج على هذا النظام السريع في الجماع حتى مع زوجته، فإذا رفضت عاملها بالعنف، فيقع في المحظور.