لم يجد شيخ عجوز في إحدى القرى الجبلية التابعة لإقليم مراكش من وسيلة للاحتجاج على تمنع زوجته على معاشرته سوى بتر عضوه التناسلي، وبحسب مصادر من المنطقة، فإن الضحية البالغ 73 عاماً وهو جد لأحفاد عدة ظل يعاني لمدة طويلة من تمنع زوجته إلى أن عيل صبره فقام بعملية البتر أمام الزوجة العنيدة، ونقل على وجه السرعة إلى المستشفى الجامعي ابن طفيل في مراكش للعلاج. هذه قصاصة خبرية تناقلتها وكالات الأنباء تظهر إلى أي حد يمكن أن يصل امتناع الزوجة عن معاشرة زوجها والاستجابة لطلبه الجنسي. ليس هذا فحسب،بل إن قصاصات أخرى متنوعة تذكر مثل هذا أو أكثر مثل ذلك الذي قتل رضيعه للسبب نفسه. وبالمقابل، فإن امتناع الزوج عن زوجته يودي إلى مهالك وانزلاقات لا تقل خطرا عن ما ذكر. وبالنظر إلى الشرع الحكيم ترى عجبا. فقد أقام الدين الحنيف الأسرة على أساس تحقيق الإحصان والعفاف للشريكين وجعل الواحد لباسا للآخر مع سكن ومودة. في أي حالة يمكن للزوجة أن تمتنع عن معاشرة زوجها؟ وما هي الأسباب والأعذار الشرعية لهذا الامتناع؟ متى يكون الزوج أوالزوجة في عداد الآثمين، وما درجة إثم كل منهما . ننقل إليكم فتوى في الموضوع. من الآثم: الطالب أم المطلوب؟ قد يصدر عن الزوجة نتيجة لإحساسها بالتعب أو المرض أن تعرض عن الجماع فهل يعتبر ذلك إثما؟ وماهو موقف الإسلام من ذلك؟ إن العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر له خطره وأثره في الحياة الزوجية. وقد يؤدي عدم الاهتمام بها، أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير هذه الحياة، وإصابتها بالاضطراب والتعاسة. وقد يفضي تراكم الأخطاء فيها إلى تدمير الحياة الزوجية والإتيان عليها من القواعد. وربما ظن بعض الناس أن الدين أهمل هذه الناحية برغم أهميتها. وربما توهم آخرون أن الدين أسمى وأظهر من أن يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه، أو بالتشريع والتنظيم، بناء على نظرة بعض الأديان إلى الجنس على أنه قذارة وهبوط حيواني. والواقع أن الإسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الإنسان، وحياة الأسرة، وكان له في ذلك أوامره ونواهيه، سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الأخلاقية، أم كان له طبيعة القوانين الإلزامية. 1 - وأول ما قرره الإسلام في هذا الجانب هو الاعتراف بفطرية الدافع الجنسي وأصالته، وإدانة الاتجاهات المتطرفة التي تميل إلى مصادرته، أو اعتباره قذرًا وتلوثًا. ولهذا منع الذين أرادوا قطع الشهوة الجنسية نهائيًا بالاختصاء من أصحابه، وقال لآخرين أرادوا اعتزال النساء وترك الزواج: أنا أعلَمُكم بالله وأخشاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني. 2 - كما قرر بعد الزواج حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغب في العمل الجنسي إلى حد اعتباره عبادة وقربة إلى الله تعالى، حيث جاء في الحديث الصحيح: وفي بضع أحدكم (أي فرجه) صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: نعم. أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر. كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر، أتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير؟. رواه مسلم. ولكن الإسلام راعى أن الزوج بمقتضى الفطرة والعادة هو الطالب لهذه الناحية والمرأة هي المطلوبة. وأنه أشد شوقًا إليها، وأقل صبرًا عنها، على خلاف ما يشيع بعض الناس أن شهوة المرأة أقوى من الرجل، فقد أثبت الواقع خلاف ذلك.. وهو عين ما أثبته الشرع. (أ) ولهذا أوجب على الزوجة أن تستجيب للزوج إذا دعاها إلى فراشه، ولا تتخلف عنه كما في الحديث: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور. (رواه الترمذي وحسنه). (ب) وحذرها أن ترفض طلبه بغير عذر، فيبيت وهو ساخط عليها، وقد يكون مفرطًا في شهوته وشبقه، فتدفعه دفعًا إلى سلوك منحرف أو التفكير فيه، أو القلق والتوتر على الأقل، إذا دعا الرجل امرأته، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.(متفق عليه). وهذا كله ما لم يكن لديها عذر معتبر من مرض أو إرهاق، أو مانع شرعي، أو غير ذلك. وعلى الزوج أن يراعي ذلك، فإن الله سبحانه -وهو خالق العباد ورازقهم وهاديهم- أسقط حقوقه عليهم إلى بدل أو إلى غير بدل، عند العذر، فعلى عباده أن يقتدوا به في ذلك. (ج) وتتمة لذلك نهاها أن تتطوع بالصيام وهو حاضر إلا بإذنه، لأن حقه أولى بالرعاية من ثواب صيام النافلة، وفي الحديث المتفق عليه: لا تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه والمراد صوم التطوع بالاتفاق كما جاء في ذلك حديث آخر. 3 والإسلام حين راعى قوة الشهوة عند الرجل، لم ينس جانب المرأة، وحقها الفطري في الإشباع بوصفها أنثى. ولهذا قال لمن كان يصوم النهار ويقوم الليل من أصحابه مثل عبد الله بن عمرو: إن لبدنك عليك حقًا، وإن لأهلك (أي امرأتك) عليك حقًا . قال الإمام الغزالي: ينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، إذ عدد النساء أربع (أي الحد الأقصى الجائز) فجاز التأخير إلى هذا الحد. نعم ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها في التحصين. فإن تحصينها واجب عليه. (إحياء علوم الدين، ج ,2 ص 50 دار المعرفة - بيروت). 4 - ومما لفت الإسلام إليه النظر ألا يكون كل هم الرجل قضاء وطره هو دون أي اهتمام بأحاسيس امرأته ورغبتها. ولهذا روى في الحديث الترغيب في التمهيد للاتصال الجنسي بما يشوق إليه من المداعبة والقبلات ونحوها، حتى لا يكون مجرد لقاء حيواني محض. ولم يجد أئمة الإسلام وفقهاؤه العظام بأسًا أو تأثيمًا في التنبيه على هذه الناحية التي قد يغفل عنها بعض الأزواج...والله الموفق. الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي امتناع الزوجة عن زوجها لرائحة كريهة زوجة تمتنع عن زوجها بسبب رائحة كريهة فيه، فهل تعتبر آثمة أو عاصية أو ناشزاً في الشرع؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله إن تحققت صحة كلام الزوجة فلهاالامتناع إن كان ما تشمه من رائحة غير محتمل عندها، ولا تعد عاصية أو ناشزاً حينئذ، وقد نص الفقهاء على أن الزوجة لو امتنعت من الجماع لوجود صنان مستحكم، وتأذت به تأذياً لا يحتمل عادة لم تعدَّ ناشزاً، وواجب الزوج أن يعالج نفسه إن كان ما به بسبب مرض، أو يعتني بنظافته إن كان سببه الإهمال، فكما يريد الزوج من زوجته النظافة والتجمل، كذلك تريد الزوجة من زوجها النظافة والتجمل. ولقد قال الفقهاء يجب على المرأة أن تزيل ما قد يشينها، وينفر منها، وروت بكة بنت عقبة أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن الحفاف فقالت: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي (مسلم 8623). ويقابل هذا مثله للزوجة على الزوج، لقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : إني لأحب أن أتزين للمرأة الزوجة كما أحب أن تتزين ليّ، لأن الله تعالى يقول: وّلّهٍنَّ مٌثًلٍ الَّذٌي عّلّيًهٌنَّ بٌالًمّعًرٍوفٌ (البقرة:228). والله أعلم أ.د. عجيل النشمي متى تمتنع الزوجة عن فراش الزوج؟ ذات يوم كان وقت صلاة الصبح لم يبق منه له إلا القليل وأوشكت الشمس أن تشرق ودعاني زوجي إلى فراشه فامتنعت عنه خوفا أن يخرج وقت الصلاة فأكون بذلك قد أعنته على المعصية، فغضب مني زوجي غضبا شديدا، وقال لي أنت آثمة بذلك وأنه لا يجوز لي أن امتنع عنه إذا طلب مني ذلك فهل أخطأت فيما فعلت؟ يجوز للمرأة أن تؤجّل استجابة دعوة الزوج إلى الفراش حتّى يصلّي هو فرض الوقت خشية أن يفوته، بل هو ممّا يجب على الزوج، ويجب على زوجته مساعدته على ذلك، لأنّ الصلاة وجبت في وقتها ويُخاف من ضياعها، وهي لا تأخذ من وقته سوى القليل، فلا يجوز تفويت الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعي، وهذا ليس بعذر شرعي يبيح له تفويت الصلاة، فإذا اشتغل عنها بغيرها وفاتته الصلاة فهو آثم عند الله سبحانه وتعالى، وإذا ساعدته زوجته على ذلك بتلبية طلبه شاركته في الإثم. وهذا الامتناع المؤقّت لا يتعارض مع الحديث الذي يحذّر المرأة من الامتناع عن فراش الزوج إذا دعاها إليه لأنّه امتناع مبني على عذر شرعي. والله أعلم. الشيخ فيصل مولوي امتناع الزوج عن معاشرة زوجته - إذا كان عقاب الزوجة التي تمتنع عن زوجها هو اللعنة، والحق في أن يتزوج عليها حتى لا يقع في الحرام، فما جزاء الرجل الذي لا يلبي نداء زوجته عندما تحتاج إليه؟ وماذا تفعل الزوجة في هذه الحالة؟ -على كل من الزوجين أن يحرص على أن يعف صاحبه، وإذا كان تقصير الزوج نتيجة لعجز فيه أو مرض فعليك أن تصبري وتحتسبي عند الله، وإلا فبإمكانك طلب الطلاق إذا خفت الفتنة. أما إذا كان يفعل هذا من باب التعنت والإضرار فيكون آثما ومقصرا فيما يجب عليه نحوك، وهذا يتنافى مع حسن العشرة بين الزوجين والتي أمر الله بها في محكم التنزيل (وعاشروهن بالمعروف) ولكن إذا تمادى الزوج في ذلك فهذا يسمى إيلاء، فإن لم تستطيعي الصبر وتخافين على نفسك الفتنة ففي هذه الحالة يحق لك رفع الأمر للقضاء، والقاضي يأمره بالوطء، ويضرب له أمدا فإن فاء فبها ونعمت ، وإن أبى فإن القاضي يطلقك منه ؛ لتعنته وإضراره. ويقول فضيلة الشيخ محمد حسين عيسى -من علماء مصر-: الحاجة الجنسية -الجماع- مطلب طبيعي للزوج والزوجة، وتلبية هذا الأمر دائمًا كلما عنّ ليس واجبًا ولا مفروضًا؛ لأن ذلك في غير المقدور البشري، ولكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وحاجة الرجل للجماع عادة أقوى من حاجة المرأة. وإذا احتاجت المرأة هذا الأمر فلا حرج عليها أن تطلبه من زوجها، لكنه إذا لم يؤده فعليها الصبر، وعليها أن تعف نفسها عن الحرام، وهذا ابتلاء من الله لها. وعلى الزوج أن يعاشرها بالمعروف ويؤنسها ويداعبها ويلاعبها، ويعطيها مقدمات الجماع وغير ذلك كالملامسة والمهامسة وغير ذلك كثير، فهذا مما يقوّيها. أما إذا أراد الزوج أن يعنّتها بترك هذا الأمر وهو قادر عليه فإنه بذلك يذرها كالمعلقة لا هو زوج لها، ولا هي لها زوج آخر من الأزواج، فهو بذلك يأثم لهذا القصد؛ لأنه عطّل واجبًا عليه