تقرير صادم آخر، ينضاف إلى قائمة التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، همّ هذه المرة المكتب الوطني المغربي للسياحة، الموكول له مهمة التسويق لصورة المغرب السياحية في مختلف دول العالم، حيث رصد قضاة المجلس مجموعة من الاختلالات في تسيير وتطبيق الاستراتيجية السياحية لهذه المؤسسة. ومن بين أهم الانتقادات التي وجهها المجلس الذي يشرف عليه إدريس جطو، للمكتب الوطني للسياحة هو كونه قام بتقسيم الأسواق السياحية إلى ثلاثة أسواق، وهي الأسواق الاستراتيجية (فرنسا، إسبانيا، البرتغال، ألمانيا)، وأسواق صاعدة (سويسرا، إيطاليا، الشرق الأوسط) ثم أسواق وصفت بأنها "تكتيكية"، وعلى أساس هذا التقسيم قام المكتب بتوزيع الميزانية المخصصة لكل سوق سياحي حيث استأثرت الأسواق "الاستراتيجية" بحصة 80 في المائة الميزانية المخصصة للترويج للسياحة المغربية. لكن المثير هو أن تقسيم الأموال "غير مبني على وثائق أو معلومات" حتى يتمكن المكتب من تغيير توجهاته في حال ظهر أن هذه الأسواق لا تستحق كل الأموال المخصصة لها كما أن هذا الأمر يفتح الباب أمام إنفاق الملايين في أسواق سياحية لا تستحق. وهو ما دفع قضاة المجلس إلى انتقاد "تهميش مسؤولي المكتب لعمليات البحث والتسويق من أجل التوفر على معطيات دقيقة"، وإلى "فشل" عمليات التخطيط في الأخذ بعين الاعتبار المؤشرات التي يمكن من خلالها تحديد وتحيين توجهات المكتب. "هذا الفشل ونقص المعلومات سيؤدي إلى حدوث أخطاء" سواء فيما يتعلق بتقييم الأسواق السياحية، أو بالشق المرتبط بالأموال المرصودة لكل سوق والقدرات الحقيقية لهذا السوق السياحي. وأظهر قضاة المجلس على أن المكتب لا يتوفر على نظام للتقييم يمكن من خلاله معرفة النتائج المحققة، وقياس أداء مختلف الفاعلين في المكتب الوطني للسياحة، مضيفين بأن الاعتماد على عدد السياح الوافدين على المغرب لا يكفي لمعرفة التطور الحقيقي الحاصل في قطاع السياحة. واعتبر التقرير الذي جاء بعد سنة سياحية "مخيبة"، أن عدم توفر المكتب الوطني للسياحة على معطيات ومؤشرات دقيقة وشاملة حول أداء الأسواق السياحية، "يعتبر خطرا"، نظرا لكونه سيؤدي إلى "فقدان الرؤية وتضييع الأهداف الاستراتيجية للمكتب"، وقد "تفاقمت هذه الوضعية بسبب غياب نظام للمعلومات" يمكن من صياغة تقارير عن التقدم الحاصل في الأهداف المسطرة من طرف المكتب الوطني المغربي للسياحة. وانتقد مجلس جطو غياب "إطار منسجم" يمكن من إيصال "رسائل منسجمة وواضحة" للأسواق السياحة حول المغرب باعتباره وجهة سياحية مميزة، وهو "الأمر الذي لا يسمح بوصول هذه الرسائل إلى السياح المستهدفين"، وعزا المجلس هذا المشكل إلى "عدم الدقة في الأهداف التواصلية التي وضعها المكتب سواء على المدى المتوسط أو البعيد". واستطردت وثيقة المجلس في انتقاد غياب مؤشرات حول "الأهداف التي تم تحقيقها من وراء كل استراتيجية تواصلية" وهو الأمر الذي يجعل من تقييم الخطة التواصلية للمكتب الوطني المغربي للسياحة "أمرا صعبا". كما تحدث مجلس جطو عن الارتجالية في تخصيص الموارد المالية لكل سوق سياحية، "حيث لا توجد أي مقاربة تقوم على معطيات دقيقة وعلمية" من أجل تحديد الميزانية التي سيتم تحصيصها لكل سوق سياحي بهدف إغراء أفراده باختيار المغرب كوجهة سياحية. وتحدث التقرير أيضا عن الموقع الذي أطلقه المكتب سنة 2008 من أجل الترويج لصورة المغرب السياحية، حيث أكد المجلس على أن الموقع يقدم معطيات عن المغرب ومؤهلاته السياحية، لكنه "لا يتوفر على نظام لتسيير العلاقة مع السياح ولا يسمح بتجميع أسمائهم وعناوين الأشخاص المهتمين بزيارة المغرب بغرض السياحة".