"التطرف والاستبداد وجهان لعملة واحدة ويقضيان معاً على الدولة والمجتمع"، تحت هذه الثنائية المتلازمة انطلقت أشغال الدورة السادسة من "المنتدى المغاربي"، يوم الاثنين بالعاصمة الاقتصادية، الذي بات يرى منظموه، القادمين من الدول الخمسة المشكلة لحلم "المغرب العربي"، أن "الدولة المغاربية" لم تعد المسؤولة وحدها عما آلت إليه الأوضاع السياسية داخل بلدانها، فيما تجددت الدعوة إلى وحدةٍ مغاربية، كونها "الرهان نحو التنمية والمستقبل". واعتبر المنتدى المغاربي، الذي يضم مؤسسات ومراكز بحث من البلدان المغاربية وينظمه مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية (مدى)، وهو ينطلق تحت شعار "الاختيار المغاربي: رهاننا نحو المستقبل" أن ما أسماها "عاهة الاستبداد" ليست المعضلة الرئيسية الوحيدة التي يعاني منها المجتمع المغاربي، بل بات "وباء التطرف" أكبر ما يهدد ويضرب "بل يقاوم لأجل أن يستوطن ويرسخ جذوره". مختار العبدلاوي، رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية، المعروف اختصارا ب"مدى"، قال إن المغرب وباقي دول المنطقة المغاربية تحدوهم رغبة حقيقة لتفعيل إطار "المغرب العربي" على أنها "الضمانة الحقيقيّة للتنميّة"، مضيفا أن المصالح المشتركة بين الأقطار المغاربية "أكثر من النقاط الخلافية"، التي تظهر على المستوى السياسي. الأستاذ الجامعي بكلية الآداب بنمسيك بالبيضاء، دعا إلى ضرورة فتح الفضاء المغاربي في وجه الشعوب المغاربية وتفعيل "الوحدة المغاربية"، مشيرا إلى أن غياب هذه الوحدة يؤدي لخسائر مادية تصل لنسبة 3 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المغاربية، مطالبا في الوقت ذاته بفتح قنوات التواصل بين الشباب، والتعاون بين الجامعات، وتقوية الشبكة الجمعوية تحقيقا ل"الوحدة المغاربية". أما البرلماني الجزائري السابق أحمد بطاطاش، عضو مجلس الأمناء بالمنتدى المغاربي، فاستبعد أن تكون لقضية الصحراء السبب المباشر في تعثر مشروع وحدة دول المغرب العربي، موضحا أن القضية تهمّ المغرب والجزائر، على أن "غياب الإرادة السياسية" يبقى سببا مباشرا في عدم تحقيق الوحدة، على حد تعبير بطاطاش. وتأسف المتحدث كون حلم الوحدة المغاربية لم يتحقق "رغم مرور أكثر من نصف قرن من حصول دول المنطقة على استقلالها"، مضيفا أن مستقبل تلك الدول يبقى مخيفاً "في ظل نظام عالمي جديد يحاول أن يعيد رسم خريطة المنطقة.. وزلزال عنيف هو 'الربيع العربي'". الصوت الموريتاني كان حاضرا خلال الندوة الصحافية، ممثلا في محمد الوداني فال، رئيس مركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية بالجارة الجنوبية، الذي شدد على أن الإرهاب الذي أصاب كل دول المغرب العربي يبق ى تحدياً يمكّن من تنسيق أمني مشترك بينها، خاصة مع ارتفاع مؤشر التهديدات الأمنية، لغرض التفكير في الانتقال إلى التنسيق في مجالات الاقتصاد والسياسة، يقول فال. عبد القادر كنكاي، عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بن امسيك بالدار البيضاء، أشار إلى أن المغاربيّين اختاروا عفويّا الانضمام إلى مشروع الفضاء المغاربي "برغبة كبيرة" على عدة مستويات إنسانية وفكرية وثقافية، مشيرا إلى معطيات مهمة تأشر على توجه تلك الفئة نحو التبادل العلمي والثقافي داخل الجامعات المغربية. وأورد كنكاي، خلال الندوة الافتتاحية للمنتدى المغاربي، أن معدل الزيارات التي قام بها طلاب وأساتذة جامعيون ومسؤولون في الجامعات الجزائرية إلى كلية الآداب التي يديرها، ارتفع من 800 زائر خلال الموسم الجامعي 2012 – 2013 إلى 994 خلال الموسم الحالي، في أفق أن يرتفع إلى 1650 خلال الموسم الجامعي القادم. ودعا المتحدث إلى ضرورة الرفع من عدد الاتفاقيات العلمية والثقافية بين بلدان المنطقة المغربية وتشجيع تنقل الطلبة بين جامعاتها "ما يسمح بتبلور دبلوماسية ثقافية لتخطي العقبات السياسية لبناء صرح الاتحاد المغرب العربي".