إلى عبدالمجيد وعبدالمنعم، وبدر الدين، ومحمد علي،وياسين، ووليد، ونور الدين... وباقي شهدائنا الأبرار في العيون.... الصورة قد تقول كل شيء وقد لا تقول شيئا، وقد تقول كل شيء عكس ما أريد لها قوله. وفي أحداث مخيم "أكديم إيزيك" بالعيون تحققت الحالات الثلاث . فصور شباب الأمن والدرك والوقاية المدنية الذين سقوا بدمائهم الطاهرة رمال صحراء تأبى إلا أن تعلن عه هويتها الحمراء، تقول كل شيء عن شباب يتقدمون الصفوف الأمامية للمدافعين عن هذا الوطن. في زمان يكتفي آخرون بالتنظير والتنديد، في وقت تحتاج فيه القضية إلى دم يراق ومال ينفق وسواعد تبني. بينما هناك صور لا تقول أي شيء، ومهما حاول قراصنة الصور توظيفها لإدانة المغرب وتلطيخ صورته وتاريخه، فإن قراءتها لا تكاد تفيد شيئا. وهي صور المتظاهرين أو المحتجين الذين يحتجون على أوضاعهم الاجتماعية في العيون. فصور الاحتجاج تؤثت ساحات الدول الديمقراطية. فقد تختلف الطرق والوسائل ويبقى الاحتجاج وسيلة ضغط مهمة لتحقيق المطالب، والحقوق تنتزع ولا تعطى كما تقول أبجديات النضال. أما الصور التي تقول كل شيء عكس ما أريد لها قوله، فهي صورة أطفال غزة وجريمة سيدي مومن. الصورتان اللتان قدمتا على أنهما صورتان لضحايا الأمن المغربي، فقدمتا كل شيء، لكن عكس ما أريد لهما قوله من طرف القراصنة الجدد، قراصنة الشهادة والاستشهاد والبؤس والشقاء. فقد كشفت الصورتان عن خفايا الصراع وأساليب الخصوم القذرة، ووسائل الجيران الذين نشترك معهم التاريخ والجغرافيا، والذين جمعتنا بهم الأرك والزلاقة وإيسلي. إن وقع الصورة في الحالتين الثانية والثالثة سيزول في أقرب وقت ولا شك. جعجعة وستنقضي، فما ينفع الناس يمكث في الأرض أما الزبد فيذهب جفاء. والتاريخ رجل وقور لا ينسى ولا يكذب. أما صور الشهداء التي نشرت في الجرائد وصور الذبح والتنكيل بالجثث التي ملأت كل مكان، فهي صور تقول كل شيء، ونستنتج منها جملة من العظات والعبر: أولا: إن صورة الشهداء تقدم لنا صورة أخرى لشباب اليوم من جيل الثمانينات، معززة بالتضحية من أجل الوطن وتقديم النفس قربانا لبقاء صورته صافية، شهد المنصفون من أهل الجوار بأنها كجلد الثور الأبيض. فقد التصقت في الأذهان أن هذا الجيل يضحي فقط من أجل الوصول إلى الضفة الأخرى، وهناك من يدعي بأنه جيل تنخره المخدرات وحبات القرقوبي، فهاهم أبناء هذا الجيل يستشهدون وهم في أوج شبابهم. ثانيا: إن صورة الشهداء، وارتباطا بما سبق، ترسخ قيم التضحية لدى هذا الجيل. فإذا كان جيل الأجداد قدم التضحيات الجسام من أجل استقلال الوطن. وجيل الآباء استكمل الوحدة الترابية بالمشاركة في المسيرة الخضراء واسترجاع الصحراء. فها هم أبناء هذا الجيل يقفون في الصفوف الأمامية بصدور عارية، ليتركوا صورا تمجد الوطن وتعلي من قيمة الشهادة. ثالثا: إن صورة الشهداء ودماءهم الطاهرة ستشكل رباطا قويا بين جميع المغاربة، ستقوي بلا شك أواصر التعلق بهذا الوطن. وستضع حدا لمزايدات المزايدين، وتنطعات المتنطعين. فدماء الشهداء الطاهرة، ودموع عائلاتهم المنهمرة، ونظرات أبنائهم البريئة لتحرجنا وهي تقول: ها نحن قد قدمنا دماء عزيزة غالية لأجل الوطن الغالي، فلينظر كل منكم ما قد قدم؟؟ رابعا: إن صورة الشهداء تحدد بوضوح المصطفون في خندق هذا الوطن والمتحاملون عليه، فتبين أن الذين يضحون من أجل هذا الوطن هم أبناء المغرب العميق، هم أبناء المغرب الحقيقيون. لا الانتهازيون الذين لا يرون في الوطن إلا حسابات بنكية، وأرصدة سمينة، وفنادق مصنفة، وأسفار مدفوعة الثمن.... إن صورة الشهداء لتضعنا أمام أنفسنا في مرآة الوطن، حتى ينظر كل منا ما قدمه للوطن وما أخذه من الوطن... فتمنح لحياة الأجيال الجديدة على هذه الأرض قيمة أخرى وأبعادا جديدة. [email protected]