في سياق عودة الدفء إلى جسد العلاقات بين المغرب وفرنسا، وجه صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، أصابع الاتهام إلى الجزائر بكونها سعت إلى الإضرار بالمغرب، وتخريب العلاقات الثنائية بين الرباطوباريس، والتي اندلعت منذ شهر فبراير من السنة الماضية. ولم يمضغ مزوار كلماته، عندما قال في حوار تنشره جريدة "لوموند" الفرنسية يوم غد الثلاثاء، بأن "المغرب لن يقبل أبدا بأن يتم استغلال علاقة مع بلد آخر ضده"، مضيفا "لدينا شعور بأن الجزائر حاولت استغلال ذلك من أجل الإضرار بالمغرب والعلاقات المغربية الفرنسية". وأفاد مزوار بأن "المغرب ليس لديه أي مشكل إذا ما عززت فرنسا علاقتها مع الجزائر"، في إشارة إلى التقارب السياسي الذي ظهر في الآونة الأخيرة بين البلدين، مشيرا إلى أن "فرنسا حرة في أن تنسج علاقات مع من تريد"، قبل أن يؤكد قائلا "لسنا في تنافس مع الجزائر". واسترسل رئيس الدبلوماسية المغربية، الذي سبق له أن ألغى زيارة كانت مقررة إلى باريس، ليتم تعويضها بزيارة وزير العدل، بأن "الجزائر بلد جار نحترمه، ولدينا معه خلاف كبير، لكن ليس إلى درجة اعتبار كل من ينسج علاقات معها عدوا لنا، فهذه ليست ثقافتنا". وبخصوص ملف الصحراء، سجل مزوار أن فرنسا "لديها دائما نفس الموقف بخصوص مغربية الصحراء، وهي تلتزم به، ليس من أجل إرضاء المغاربة، بل لأنها مقتنعة بموقفها، بدليل أن باريس حافظت خلال "الأزمة" على نفس الموقف بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". وأوضح المسؤول أن الجانب الفرنسي أدرك أن الأمر لم يكن يتعلق بمسألة مزاجية من لدن المغرب، بل بضرورة مرتبطة بطلب احترام مؤسساتنا، وإطارنا القضائي والتزاماتنا المتبادلة"، مشيرا إلى أن "بعض الأحداث مست بمصداقية القضاء المغربي ومسؤولين مغاربة". وشدد وزير الخارجية على أن المغرب "يرفض أن يتعامل معه أيا كان بهذه الطريقة، وليس فرنسا بالتحديد"، مؤكدا أن "المملكة تشدد فقط على الاحترام والتقدير، ولا تطلب لا حصانة، ولا إفلاتا من العقاب"، قبل أن يكمل بأنه "من غير المقبول أن يستعمل القضاء الفرنسي للنيل من الآخرين". وتطرق الحوار مع مزوار إلى موضوع التعاون القضائي الذي تم تفعيله، بُعيد مباحثات مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، مع نظيرته الفرنسية، كريستيان توبيرا، حيث أثنى على حصول تفاعل بين الجهازين القضائيين بالبلدين، وهو "ما يشكل محور أي تعاون قضائي". ولفت مزوار إلى أن "التوقيع على الاتفاق بين وزيري العدل في المغرب وفرنسا يشكل خطوة أولى هامة تساهم في تحقيق الهدوء في العلاقات الثنائية"، كاشفا أن "الاتصال الدائم بين قائدي البلدين، الملك محمد السادس، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، يؤكد تشبثهما بهذه العلاقات. وأفاد وزير الخارجية بأنه سيلتقي بنظيره الفرنسي، لوران فابيوس، في أقرب وقت ممكن وفقا لأجندة كل منهما من أجل إتمام هذا المسلسل"، مشيرا إلى أن "عنصر الثقة أساسي خاصة إذا تعلق الأمر بعلاقات قوية كما هي مع فرنسا، وإذا ما اهتزت هذه الثقة يحصل هناك مشكل".