نظم بيت الصحافة بمدينة طنجة، يوم أمس، ندوة دولية حول موضوع "الصحافة الإلكترونية في مشروع قانون الصحافة والنشر بالمغرب"، حضرها وقام بتأطيرها أساتذة وخبراء في الصحافة الإلكترونية من دول مصر، وتونس والمغرب. الندوة الدولية التي نظمتها مؤسسة ML Works Maroc، تدخل في إطار "صندوق أصواتنا لتطوير الإعلام"، الممول من طرف الإتحاد الأوروبي، بتعاون مع مؤسسة بيت الصحافة، ومركز هسبريس للدراسات والإعلام. صلاح: القوانين والتكنولوجيا الحديثة واعتبر أيمن صلاح، الأمين العام لنقابة الإعلام الإلكتروني في مصر، أن حكومات العالم العربي أخذت درسا حول ما جرى من ثورات في بلدانها، مشيرا إلى تزايد أهمية صوت المواطن العربي لدى صانعي القرار، لأنه حينما يقرر الكلام يعني أن تغييرا ما سيقع". وبخصوص الفرق بين الصحفي المهني والصحفي المواطن، ضرب أيمن صلاح مثلا ببلده مصر قائلا: "في بلدي يوجد حوالي 90 مليون نسمة، وهذا يعني وجود 90 مليون مواطن صحفي" على حد تعبيره. وتابع صلاح بأن "الإحصائيات أوردت أنه فعليا بلغ عدد المصريين المتواجدين على الإنترنيت 40 مليون شخص، بينهم 20 مليون لديهم حسابات على الفايسبوك، لكن هذا لا يعني أن كل هذا العدد يمكن إدراجه في خانة الصحفيين". واعتبر المتحدث أن الصحفي هو شخص تم تدريبه وإعطائه مجموع من العلوم والتقنيات لمعرفة أشياء ما بطريقة ما، أما الباقي فهم مجرد مواطنين مراسلين Citizen Reporter، مشيرا إلى تجاوز التكنولوجيا للقوانين، واستحالة ضبطها". وأكد الإعلامي المصري أنه "من الصعب جدا أن تقف القوانين في وجه التكنولوجيا المتطورة بشكل رهيب ومستمر"، وأضاف "لو تجندت السلطات المصرية من أجل حجب موقع معين، فهذا لا يعني أن الموقع أقفل، لأن كل ما في وسع السلطات حجب الموقع". وحول منع السلطات للأشخاص من تصوير الفيديوهات في الشارع بحجة عدم التوفر على ترخيص، رد الإعلامي "قد تمنع السلطات التصوير بالكاميرا العادية، لكن المجال سيكون مفتوحا أمام هواة الكاميرا الخفية، وهو ما سيؤدي إلى ازدهار مجال السوق السوداء". البور: ..هي فوضى من جهتها قالت حميدة البور، رئيسة قسم الصحافة بالمعهد العالي للصحافة بتونس، إن "ما لاحظناه بعد الثورة في تونس هو أن كل من هبّ ودبّ يسمي نفسه صحفيا، وهذا ما أعطى لنا أشخاصا يخلون بأخلاقيات المهنة، وكذا نشر الإشاعة وعدم توخي الصدق". وأكدت الإعلامية التونسية أن بلادها عرفت تأسيس قنوات تلفزيونية وإذاعية بهامش حرية كبير، لكن بعد الثورة ظهرت وسائل إعلام سرعان ما اندثرت، لأنها لم تستطع أن تصل إلى تحقيق معادلة اقتصادية توازي بين المحتوى والإخراج الفني". واعتبرت البور أن قطاع الصحافة الإلكترونية عليه أن يسير فوق سكة فيها قيم الحرية لا تعرف تضيقات من جهة، ومن جهة أخرى ضرورة وجود قانون منظم يؤسس لممارسة سليمة تحد من الفوضى، وتظهر التحلي بأخلاقيات مهنة لا يعرفها إلا الصحفي المحترف". الشعبي: الوزارة ومدونة الصحافة وقال إبراهيم الشعبي، المدير الجهوي لوزارة الاتصال، إنه من "حسنات مدونة الصحافة والنشر اعتراف الدولة القانوني بالصحافة الإلكترونية"، مضيفا أنه "سيصبح لمؤسسات النيابة العامة في محاكم البلاد السلطة في الإجابة والتصريح لجميع المواقع الإلكترونية". وبعد أن كشف الشعبي بأن "أكثر من 80 موقعا إلكترونيا استفادت لحد الآن من الترخيص، وهو أمر لم تتعود عليه حتى دول رائدة في المحيط العربي"، أبرز بأن "الوزارة فسحت المجال للعديد من الفاعلين الرقميين ليساهموا في النقاش القانوني حينها". الشعبي ذكر بأن مشروع المدونة سينص على ضرورة توفر العاملين في المهنة على الإجازة، كما هو معمول به في تونس"؛ وفيما يخص متابعة الصحافيين، قال الشعبي إن الطبيعي متابعة الصحافيين بقانون خاص بهم، وليس بالقوانين الجنائية أو قانون الإرهاب. المسؤول الوزاري نبه إلى أن البطء في إخراج مدونة الصحافة والنشر إلى حيز الوجود مع ما يعرفه المجال من تطور سريع، سيجعلنا نسقط في مسألة إعادة طرح تعريفات معينة جديدة، وكذا تحيين القراءات من جديد بسبب التطور التكنولوجي الذي لا يتوقف". الطريبق: تجربة هسبريس ومن جانبه سجل أشرف الطريبق، مدير مركز هسبريس للدراسات والإعلام، بأن تجربة الصحافة الإلكترونية في المغرب قائمة على إشراك المواطن في تدبير الخبر وطريقة تحريره، موردا أن "موقع هسبريس استفاد من هامش الحرية الذي يعرفه قطاع الصحافة الإلكترونية". وتابع الطريبق بأن هامش الحرية مكن موقع هسبريس من أن يضع بصمته الخاصة، مخولا له الريادة على الصعيد الوطني"، قبل أن يردف بأنه "كان لدينا منذ البداية هاجس التميز، خصوصا أن هناك العديد من المنافسين" وفق تعبيره. مدير مركز هسبريس للدراسات اعتبر أن المفاهيم تتغير ويطرأ عليها تعديلات"، موردا أن "الخبر لم يعد مهما في سرعته، ولكن القارئ يتساءل عن مدى مصداقيته ومدى صحته" يقول الطريبق. وعن مدى الحاجة لقانون ينظم قطاع الصحافة الإلكترونية، قال الطريبق إنه يثمن مبادرة وزارة الاتصال بعد أن أتت بمدونة جديدة، أشركت في دراسة إرهاصاتها الأولى المئات من المواقع الإلكترونية بالمغرب." وهذا يعني، يردف الطريبق، أننا نعيش مرحلة الاعتراف بوجود صحافة إلكترونية، بحيث انتقلنا من مرحلة اللاقانون إلى مرحلة القانون"، مشددا على ضرورة أن تكون التعاريف والاختصاصات دقيقة في القانون المنتظر"..