بعدمَا تقدّم مجموعة منَ البرلمانيين في الغرفة الثانية من البرلمان بمُقترح يَرْمي إلى توريث معاشاتِ أعضاء المؤسسة التشريعيّة المنتخبة لأبنائهم، وهوَ الذي سُحبَ في اللحظة الأخيرة من أعمال لجنة المالية بمجلس المستشارين، خرَجَ عشراتُ المواطنين إلى الشارع وخاضوا وقفة احتجاج أمامَ مقرّ البرلمان بشارع محمد الخامس الرباطي حيث طالبَوا بإلغاء تقاعُد البرلمانيين. الوقفةُ الاحتجاجية التي أطّرتْها الجمعية المغربية لحماية المالِ العامّ رُفعتْ خلالها لافتاتٌ وشعاراتٌ مُطالبَةٌ بإلغاء تقاعَد البرلمانيين والوزراء على حدّ سواء، وشعارتٌ أخرى مُطالبة بالقطْع مع الإفلاتِ من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية، ومُلاءمة اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد مع القوانين الوطنية. كمَا طالبَ المُحتجّون، خلالَ الوقفة الاحتجاجيّة التي استُهلّتْ برفْع شعار "الشعب يُريد إسقاط الفساد"، بإرساء أسُس قضاء مستقلّ ونزيه، ومؤسسات للحكامة بصلاحيات واسعة، واتخاذ إجراءات قانونية لاسترجاع الأموال "المنهوبة والمُهرّبة"، ورفَع المشاركون في الوقفة الاحاجيّة شعارات من قبيل "المغرب يا جوهرة خْرجوا عليك الشفارة". وقالَ إدريس مبارك، رئيس فرْع أكادير والأقاليم الجنوبية للجمعية المغربية لحماية المال العام، في تصريح لهسبريس إنّ الوقفة الاحتجاجية، تأتي للتنديد بنهْب المال العام، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، وأضاف "لا يُعْقل أن يستفيد البرلمانيون والوزراء من معاشاتٍ على خدمة محدودة في السنوات، لأنّ الوزير والبرلماني يمارسان مهامّهما مقابل تعويض". واعْتبرَ مُبارك أنّ العَمَل الذي يُؤدّيه البرلمانيون والوزراء، لا يدْخل في إطار الوظيفة العمومية، "وبالتالي فلا يمكن أن يستفيدا من تقاعد مدى الحياة"، يقول المتحدّث، واسترْسل "هذا استنزاف للمالية العمومية ولأموال الشعب ولمجموعة من مقدّرات الدولة، الضعيفة أصلا، وكان حريّا أن توجّه هذه الملايير لتشغيل الشباب وللبنية التحتية وللمشاريع التنموية عوض صرْفها على معاشات البرلمانيين". ووجّه المشاركون في الوقفة الاحتجاجية انتقاداتٍ حادّة للحكومة، خاصّة فيما يتعلّق بتعاطيها مع ملفات الفساد، ونالَ وزير الشبيبة والرياضة السابق الحصّة الأكبر من الانتقادات، "يا حكومة حْشمي حْشمي، الملاعب غرقانين، والملايين منهوبة" في إشارة إلى "فضيحة ملعب مولاي عبد الله، فيمَا حمل محتجّون آخرون صورة يظهر فيها الوزيرُ المُقال وتحتَ الصورة "كرّاطة"، وإلى جانبه الوزير المنتدبُ عبد العظيم الطروج، صاحب "فضيحة الشلاكط". وانتقَد المشاركون في وقفة الجمعية المغربية لحماية المال العامّ الأجور العالية التي يستفيدُ منها كبارُ المسؤولين في الدولة والكُتّاب والولاة، وقدّموا مقارنة بين الحدّ الأدنى للأجور الذي يحصل عليه الموظفون الصغار وأجورهم، كما انتقدوا تبْذير المال العامّ على اقتناء سيّارات الدّولة، وقارنوا بيْن المغرب ودولٍ متقدمة في هذا المجال. ففي الوقت الذي توجَدُ فيها 115 ألف سيّارة تابعة للدولة في المغرب، بيْنما لا يتعدّى عدد موظفي الإدارات العمومية مليونَ موظّفٍ (حسبَ لائحةٍ رُفعتْ في الوقفة الاحتجاجية"، فإنّ عدد سيّارات الدولة في فرنسا لا يتعدّى 75 ألف سيّارة، رغم أنّ عدد الموظفين في فرنسا يصل إلى 5،7 مليون موظف، أمّا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث يوجد 21 ألف موظف، فلا يتعدّى عدد السيارات الحكومية 72 ألف سيّارة. وإلى جانبِ المُطالبة بإلغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء، ومحاربة الفساد والإفلات من العقاب، واسترجاع الأموال المنهوبة، حضرتْ خلال الوقفة الاحتجاجية مطالبُ بمحاسبة المسؤولين عن تسيير الشأن المحلّي، كمَا هو الحال بالنسبة لجماعة أولاد عبو نواحي برشيد، التي طالبَ وافدون منها خلال الوقفة الاحتجاجية وزيرَ الداخلية بفتْح تحقيق حوْل الفساد الذي يقولون إنّه ينخر دواليبَ جماعتهم.. داعين وزير الداخلية إلى "كشف الجهات التي تتستّر على الفساد".. ومن جهة أخرى طالبَ مواطنون من بلدية بوزنيقة وزير الداخلية ووزير العدل والحريات ب"كشف مصير ملفِ فساد يحمل رقم 2011-02"؛ ولمْ تخْلُ الوقفة الاحتجاجية من مطالبَ موجهة إلى الحكومة بتخفيض أسعار الموادّ الاستهلاكية، ووضع سياسات عمومية ذات بُعْد اجتماعي. وفي شأْن التسيير المحلّي دائما، قالَ إدريس مبارك، رئيسُ فرع الجمعية المغربية لحماية المال العامّ بأكادير والمناطق الجنوبية، إنّ الجمعية تعتزم رفع دعوى ضدّ وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية بسبب "الهدر الكبير للمال العام في مشاريع ورقية، وأخرى تمّ إنجازها بطريقة مغشوشة"، وزاد: "هناك منتخبون في المنطقة استفادوا من الصندوق الأسود لهذه الوكالة، وثمّة مجموعة من المشاريع تتمّ بطرق غير شفافة". وأضاف المتحدّث أنّ فرْع الجمعية المغربية لحماية المال العام بأكادير والمناطق الجنوبية ستستندُ على تقرير المجلس الأعلى للحسابات "الذي بثّ في مجموعة من التجاوزات التي عرفتها الوكالة الحضرية"، وفق تعبيره، وأضاف: "الوكالة الحضرية للأقاليم الجنوبية لا يجب أن تكرس اقتصاد الريع، المنتشر جدا في أقاليم الجنوب، ونحن نطالب بإرجاع الأموال المنهوبة، لأنها أموال الشعب".