مائةٌ وثمانية وعشرُون اعتداءً ضدَّ مسلمِين في فرنسا جرى تسجيلهُ منذُ الهجوم الإرهابِيِّ على صحيفة "شارلِي إيبدُو" الفرنسيَّة الساخرة، في السابع من يناير الحالي، وسطَ تغذِّي نقاشٍ فكرِي وسياسي بالبلاد عن التطرف، لبيان صلته بالإسلام، وعمَّا إذَا كانت الإسلاموفويا رديفةً للعنصريَّة، أمْ أنَّ يصورُ اعتداءً لا يدخل سوى في خانة التعبير. الاعتداءات المسلجة والمُدانة من قبل مجلس مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا، دفعتْ صحيفة "لوموندْ" الفرنسيَّة إلى البحث مليًّا في مفهوم "الإسلاموفبيا"، والنحو الذِي يصحُّ به إدراج فعلٍ أوْ تصرفٍ بدر عنْ شخص ما في فرنسا تجاه المسلمِين أوْ الدِّين الإسلامِي تمظهرًا للإسلاموفبيا. التعريف الذِي تقترحهُ الصحيفة للإسلاموفوبيا يحدهه على وجه "الأصل في كونه خوفًا جماعيًّا من الدِّين الإسلامي، قبل أنْ يضحي في السنوات الأخيرة، بمثابة مجمل ردُود الفعل النبذ الصادرة تجاه الأشخاص المسلمين أوْ التي يحتمل أنْ تطالهم. على أنَّ الفوبيا كانتْ تعنِي منْ النَّاحيَة الإيتيمولوجيَّة الخوف، قبل أنْ يفضي التَّطُور الدلالِي لها في السياق، إلى جعلها تفيدُ الكراهية الاجتماعيَّة، على غرار مفهوم كراهية الأجانب "Xénophobe". أمَّا مانويلْ فالسْ، فحبذَ أيَّام كان وزيرًا للداخليَة، في يوليوز 2013، قبل أنْ يتولى رئاسة الحكومة الفرنسية، استخدام مصطلح العنصريَّة ضدَّ المسلمِين عوض الحديث عن إسلاموفوبيا، متماهيًا في ذلك مع طرح الكاتبة كارُولِين فورِيستْ، التِي تعتبرُ الإسلاموفوبيا مفهومًا مقرونًا بأتباع الإسلام الراديكالِي للحؤُول دُون توجيه أيِّ نقدٍ إلى الدِّين. مجلس مجلس مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، حددَ من ناحيته، في تقريره ل 2014 المفهوم بكون مجمل أفعال التمييز أوْ العنف، حيال مؤسسات أوْ افراد بسبب انتمائهم، الحقيقي أوْ المفترض إلى الإسلام، على أنَّ تلك الأفعال تجرِي شرعنتُها من قبل إيديلوجيَّات وخطابات تحرضُ على كراهيَة المسلمِين ونبذِهم. كارُولين فوريستْ تعُود إلى سنوات السبعينات، وتسوق صورًا منْ استخدامه المبكر في المجال العمومي والسياسي لدى رجال الدِّين الشيعة، بغرض اتهام منتقدات فرض الحجاب وسط الحركة النسائيَّة بأنهن يدخلن ضمن "الإسلاموفوبيا"، مسوقِين لفكرة مؤداهَا أنَّ انتقاد الإسلام يعنِي مباشرة معاداة الدِّين، كيْ يضمنُوا عدم صدور أيِّ نقدٍ نسائي أوْ لائكِي. ويطرحُ الإشكال المفهُومِي للإسلاموفوبيا بيان وجهة النظر القانونيَّة منه، حيثُ غالبًا ما يدخلُ تحت نطاق حريَّة التعبير. حتى وإنْ كان قانُون التاسع والعشرين من يوليوز حول حرية الصحافة والمادة الرابعة والعشرين منه، يؤكد كون التحريض على التمييز أوْ الكراهية والعنف تجاه أشخاص بسبب انتمائهم أوْ عدم انتمائهم إلى إثنيَّة أوْ أُمَّة أوْ عرف أوْ دين محدد مفضيًا إلى المتابعة القضائيَّة. بسبب الإطار القضائي المذكُور، توبع مجموعة من الأشخاص قضائيًّا في فرنسا، منهم الصحافيَّة كريستِين تاسين، التي أدينتْ بغرامة قدرها ألف يورُو، على خلفيَّة تحريضها ضدَّ المسلمِين، وقدْ كتبتْ ما مؤدَّاهُ أنها فخورة بمعاداة المسلمِين، ومطالبتها بإبعادهم عنْ فرنسا لكونهم يشكلُون خطرًا محدقًا بالمجتمع. فرنسيٌّ آخر نشر رسالةً معاديَة للإسلام في يوليوز 2011 تمَّت إدانته قبل عامين بشهر من السجم موقوف التنفيذْ، مع دفع غرامة تصلُ إلى 1680 أورُو، وفقًا لما كان مجلس مكافحة الإسلاموفوبيا، قدْ أعلن عنه في وقتٍ سابق. ولئنْ كانت أقلامٌ قدْ أدِينتْ أمام القضاء الفرنسي على إثر تصريحهَا جهرًا بمناصبة العدَاء للمسلمِين، فإنَّ الإشكال الذِي يظلُّ مطروحًا، يروم تبين خط التَّماس، بين النقد الموضوعِي الممكن توجيههُ إلى دين منْ الأديَان؛ وما يتفرعُ عنه منْ قيم وأسس نظريَّة أوْ أفعال تجري ممارستها، وبين العدَاء الذِي يخرجُ عن مناقشة الفكرة بالفكرة، ويحملُ المسلمِين قاطبة وزر الإرهاب، فيذهبَ بذلك إلى تعريضهم للخطر وإيذائم جسديًّا ونفسيًّا.