تعتبر إسبانيا أكثر الدول الأوربية تسامحا مع المسلمين، نظرا للقرب الجغرافي والإرث المشترك الذي يجمعها مع الدول الإسلامية خصوصا المغرب. لكن بعد «أحداث شارلي إيبدو» بباريس في يناير الماضي لوحظ تزايد في حالات الاعتداءات ضد المسلمين بإسبانيا، وفقا للتقرير الذي أعده اتحاد الجاليات المسلمة بإسبانيا والمرصد الأندلسي حول أوضاع المواطن المسلم ومعاداة الإسلام بإسبانيا. وأوضحت الدراسة أنه «منذ بداية سنة 2015 يلاحظ تصاعد في الخطاب المحرض على الكراهية وتزايد في الجرائم بسبب الكره والتمييز العنصري «، وارتفعت نبرة الكراهية ضد المسلمين بأوروبا بعد أحداث «شارلي إيبدو» بباريس، التي سقط فيها 10 صحفيين فرنسيين، بعد نشر المجلة الساخرة لرسومات مسيئة للنبي محمد «ص». المهاجرون المغاربة يتعرّضون لغالبية جرائم كراهية الأجانب بإسبانيا وفي هذا السياق، كشف تقرير وزارة الداخلية الإسبانية أن 40 في المائة من جرائم الكراهية ضد الأجانب مرتبطة ب»الإسلاموفوبيا». وأوضح التقرير الوزاري أن معظم ضحايا كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في إسبانيا هم المغاربة المقيمون بالجارة الشمالية، لكونهم الجالية المسلمة الأكثر عددا في هذا البلد، إذ يبلغ عد دهم أكثر من 800 ألف مهاجر. وأوضحت المعطيات أن معظم الجرائم المرتبطة ب»الإسلاموفوبيا» سجلت في العاصمة مدريد ومدن مالقة وبرشلونة والباثيتي. وارتفعت الشكايات ضد التمييز العنصري ومعاداة الإسلام بنسبة 70 في المائة بإسبانيا منذ بداية 2015. وفقا لمعطيات «التقرير السنوي للإسلاموفوبيا بإسبانيا» 2014 الذي صدر أخيرا.. وفي هذا السياق، بلغ عدد الشكايات بسبب معاداة الإسلام وكره الأجانب 80 شكاية منذ بداية 2015،أي بارتفاع بنسبة 70 في المائة مقارنة مع سنة 2014، التي سجلت خلالها 49 شكاية، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 6.5 في المائة مقارنة مع سنة 2013، حيث سُجلت 45 شكاية. وأوضح تقرير «الإسلاموفوبيا في إسبانيا 2014» أن 46 في المائة من الشكايات التي سُجلت هي حالات ضد الممتلكات، كالمساجد والمراكز الدينية. و45 في المائة ضد الأشخاص. هجمات عنصرية عبر الإنترنيت وتمثلت معظم حالات «الإسلاموفوبيا» والتمييز ضد الأشخاص «على أساس الدين في اعتداءات لفظية، إضافة إلى التزايد الملحوظ في رسائل معاداة المسلمين عبر الإنترنيت، سيما شبكات التواصل الاجتماعي، كما سجلت عدة اعتداءات عنصرية ضد المسلمين في أماكن عمومية كالمؤسسات الدراسية والصحية وأماكن أخرى. يؤكد مسؤولو اتحاد الجاليات المسلمة بإسبانيا أن الشكايات بسبب «الإسلاموفوبيا» مافتئت ترتفع منذ سنة 2010،عندما سجلت 28 حالة. ليرتفع العدد إلى 37 حالة سنة 2011، و52 حالة سنة 2012، و69 حالة سنة 2013 و89 حالة سنة 2014. ليتجاوز عدد الاعتداءات ضد المسلمين الثمانين حالة منذ بداية السنة، أي بزيادة قدرها 70 في المائة. وفي هذا السياق، تؤكد إستبان إيبارا، رئيسة جمعية « منصة ضد الإسلاموفويا»، أن الارتفاع المقلق في الاعتداءات ضد المسلمين بإسبانيا يمكن أن يكون مرتبطا بالهجوم ضد مجلة «شارلي إيبدو» بباريس شهر يناير. وعلى صعيد متصل، أكد منير ينجلون، رئيس اللجنة الإسلامية بإسبانيا، أن هذه الأرقام تبعث على القلق وتدعو للتحرك لوقف هذا التصاعد المستمر في حالات «معاداة المسلمين» بإسبانيا. من جهة أخرى، أورد التقرير أن السنة الماضية شهدت تصاعدا في العنف بسبب «الإسلاموفوبيا» في خطاب الأحزاب السياسية وبعض المنظمات، وعليه، يدعو التقرير إلى اتخاذ إجراءات قانونية من قبيل صياغة قانون شامل ضد جرائم الكراهية. ويشير التقرير ذاته إلى «الخطاب المحرض على الكراهية عبر الإنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي، وفي بعض وسائل الإعلام، ناهيك عن الخطاب التحريضي لزعماء بعض الأحزاب السياسية». بناء على ذلك، يدعو التقرير إلى صياغة قانون يضرب بشدة على يد مروجي هذا الخطاب المحرض على الكراهية والعنف ضد الأجانب عموما والمسلمين على وجه الخصوص. تدنيس المقدسات واعتداءات وتمييز وتحديدا، ورد في التقرير أكثر من ثلاثين حالة، جرائم بدافع الكراهية، تدنيس المقدسات، تمييز على أساس الدين والامتناع عن تقديم خدمات عمومية. كما يلاحظ اجتهاد لأفراد الشرطة الإسبانية للتصدي للاعتداءات بسبب «الإسلاموفوبيا». ومن بين الحوادث التي سجلت، تبرز الحالة التي وقعت في بلاد الباسك، عندما منع سائق حافلة بفيتوريا امرأة ترتدي النقاب من الصعود إلى الحافلة؛ والاعتداء على حكم من أصل مغربي يبلغ 16 سنة من العمر، حيث استدعت حالته الدخول إلى المستشفى بعد تعرضه للضرب من قبل أب أحد اللاعبين الإسبان؛ وإلقاء زجاجة مولوتوف داخل مسجد بتاراغونا؛ وتصريحات عمدة فيتوريا حول الجالية المسلمة حين قال»إنهم يأتون إلى هنا للعيش على حساب المساعدات الاجتماعية» أو الاعتداءات التي تقع داخل مراكز إيواء اللاجئين. العنف ضد المسلمات بإسبانيا تتعرض النساء المسلمات بإسبانيا، معظمهن مغربيات، لاعتداءات عنصرية، سيما اللواتي يرتدين الحجاب، وفقا لما ورد في تقرير الجاليات المسلمة بإسبانيا والمرصد الأندلسي حول وضع المواطن المسلم و»الإسلاموفوبيا» بإسبانيا. وأصبحت المرأة المسلمة عموما والمغربية خصوصا مركزا للنقاش حول «الإسلاموفوبيا» بإسبانيا، فقد صار ارتداء الحجاب أو النقاب «علامة على التمييز وخضوع المرأة للرجل» في نظر المجتمع الإسباني. ينظر المجتمع الإسباني إلى الحجاب من زاويتين، فهو يعتبر من جهة «علامة على التمييز وخضوع المرأة للرجل الذي تعاني منه النساء المسلمات « ومن جهة أخرى ، «هو علامة على الخطر الذي يهدد قيم التسامح وسلامة المجتمعات الغربية». ووفقا لما ورد في الدراسة المنجزة، صادقت 17 بلدية بإقليم كاتالونيا منذ سنة 2010 على قوانين تحظر ارتداء النقاب في الإدارات العمومية. واستند نقاش المجالس البلدية الإسبانية حول ارتداء النقاب في الأماكن العمومية على نقطتين: الدفاع عن حقوق المرأة، ليصير بعد ذلك قضية أمن وطني، خصوصا بعد تأييد المحكمة الأوربية بستراسبورغ لقرار السلطات الفرنسية منع ارتداء النقاب في الأماكن العمومية واعتباره «تهديدا لقيم التعايش».