في ظل توقعات بتزايد الإقبال على استعمال تكنولوجيا الاتصالات في المغرب، لم يتوان خبراء من البنك الدولي عن دعوة المتدخلين في قطاع الاتصالات بالمغرب إلى الاستثمار بشكل أكبر في القطاع. خبراء المؤسسة الدولية، ومن ضمنهم سيمو كريي، المدير المغاربي للبنك الدولي، يرى أن تطور قطاع الاتصالات في المغرب، الذي يعتبر واحدا من أكثر القطاعات الديناميكية التي ساهمت في الرفع من مستوى الأداء الاقتصادي العام للمغرب خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة، تواجهه مجموعة من المعيقات المرتبطة بالبنى التحتية. ويعتبر سيمو كريي أن تطور قطاع الإتصالات بالمغرب رهين بضرورة تجاوز الخصاص الكبير في البنيات التحتية، سيما ون القطاع ما يزال في أمس الحاجة لضخ مزيد من الاستثمارات للرفع من مستوى الشبكات الثابتة والنقالة. ومن شأن هذا التركيز على توسيع هذه الاستثمارات، حسب المتحدث، التمكن من مواجهة تحديات التطور التكنولوجي والإستجابة لحاجيات الزبناء الملحة للأنترنت فائق السرعة، الثابت والنقال على حد سواء. ويراهن المغرب على الأنترنيت فائق السرعة في الرفع من مستوى نمو مجموعة من القطاعات الصناعية والتكنولوجية الواعدة. فوفق دراسات أنجزت في المجال، كلما ارتفعت نسبة الولوج إلى الأنترنيت بنسبة 10 في المئة فإن ذلك يكون له تأثير إيجابي على الدخل القومي بنسبة 1 في المئة وبالتالي خلق فرص جديدة ومقاولات جديدة. وقاد الفاعلون الثلاثة في قطاع الاتصالات مجموعة من الاستثمارات في قطاع الاتصالات خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة، من ضمنها إنوي وميديتل، لكن اتصالات المغرب تظل من أكثر المتعهدين استثمارا في هذا المجال، حيث خصصت ما يزيد عن ملياري أورو في العقد الأخير، من أجل الرفع من مستوى أداء شبكاتها الهرتيزية والسلكية، إلى جانب توسيع شبكات الألياف البصرية. وفي الوقت الذي تستعد فيه هذه الشركات الثلاثة تقديم عروضها للظفر برخصة أنترنيت 4G فائق السرعة، شرعت اتصالات المغرب في فتح شبكاتها الأرضية أمام المتعهدين المنافسين من أجل كراء واستغلالها ابتداء من بداية العام الجاري. وسارعت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات إلى الثناء على الخطوة التي أقدم عليها المتعهد، ورأت أنها تساهم في تعزيز شبكات الصبيب العالي وفائق السرعة الثابت منها والنقال، معتبرة أن هذه الخطوة ستساهم في نشر فعال وسريع للشبكات ذات الصبيب العالي وفائق السرعة الثابتة والمتنقلة، التي تعد من بين الرافعات الأساسية لتنمية قطاع الاتصالات في المغرب خلال السنوات المقبلة. لكن في المقابل، يبرز تساؤل عريض حول ما إذا كان قطاع الاتصالات سيواصل رفع الأداء الاقتصادي للمغرب، في ظل بروز هواجس تتعلق بما إذا كانت شركات الاتصالات ستواصل استثماراتها بعد صدور وتفعيل قرار الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بإلزام اتصالات المغرب باقتسام بنياتها التحتية مع منافسيها. كما يظل السؤال مطروحا حول ما إذا كانت اتصالات المغرب ستسمر في استراتيجيتها الاستثمارية في شبكات الأنترنيت فائق السرعة والألياف البصرية، تظل كل من "ميديتل" و"إنوي" أكبر المستفيدين من تقاسم البنيات التحتية، وسيجنون بدورهم ثمار استثمارات المتعهد التاريخي. ميشيل بولان المدير العام ل"ميديتل"، يراهن على تقاسم شبكات اتصالات المغرب لإنجاح إطلاق خدمات الجيل الرابع لاتصالات النقالة بالمغرب، في ظل رغبة الوكالة الوطنية بتقنين المواصلات في تعميم هذه الخدمة في معظم مناطق المغرب. إضافة إلى ذلك، يؤكد فريديريك دوبور، مدير عام "إنوي"، أن المجموعة التي يديرها خصصت السنة المنصرمة مبلغ 2.7 مليار درهم، فيما سيبلغ الغلاف الاستثماري الإجمالي الذي رصدته الشركة خلال السنوات الخمس المقبلة، 10 ملايير درهم ستخصص لتطوير وتوسيع شبكاتها. ويتحاشى مسؤولو المتعهد التاريخي التعليق على هذا القرار، لكن بعض المحللين يصنفون هذا القرار بأنه يظل قرارا"غير منصف من جهة (الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات) يفترض فيها الحكمة والحياد، وهو يشكل ضربة في الصميم لقواعد المنافسة الشريفة". لكن خبراء في القطاع بجزمون بأن تقاسم البنيات التحتية لا يمكن أن يتم في أي بلد من الدول الرائدة في قطاع الاتصالات إلا بعد بلوغ مستوى معين من التغطية الجغرافية بالشبكات النقالة والثابتة. أما بالنسبة للمغرب فما زال الطريق طويلا من أجل بلوغ تلك المستويات التي تتيح اللجوء لحلول تقاسم البنيات.