"الحيحة"..لعله أقل وصف يمكن أن تُنْعَت بها الأجواء التي مر فيها احتفال عدد من المغاربة في الكثير من المدن، برأس السنة الميلادية الجديدة، والتي تعد من أطول الليالي كل عام بالنسبة لرجال الأمن بمختلف رتبهم ومسؤولياتهم، حيث يعملون طوال الليل وإلى حدود تباشير الصباح على ملاحقة السكارى والمعربدين. مشاهد نقلتها عدسة هسبريس في الرباطوالدارالبيضاء، تُظهر أجواء "ساخنة جدا" عمت دفعة واحدة عددا من المغاربة، خاصة من فئة الشباب ذكورا وإناثا، وحتى من كبار السن أحيانا، رجالا ونساء، كأنهم تحرروا فجأة من عقال شيء يجثم على قلوبهم، ليعيثوا هيجانا في كل مكان حلوا به. في الرباط مرت ليلة رأس السنة، يوم أمس، بالنسبة لبعض الشباب مع رجال الأمن مثل لعبة القط والفأر، وبين الكر والفر، حيث شهدت مقرات الأمن في عدد من أحياء العاصمة توافدا كثيفا لعدد من المحتفلين ب"بوناني"، الذين أثرت عليهم دوخة الخمر، اقتادتهم عناصر الأمن المتأهبة لذلك. وفي الدارالبيضاء، التي يصفها الكثيرون بالمدينة الغول لضخمها وشساعة مساحتها وكثافة سكانها، وثقت عدسة الجريدة مشاهدة لأجواء أكثر سخونة وإثارة، خاصة في منطقة عين الذياب التي تحولت إلى فضاء خاص بالعربدة والسكر العلني، في تحد صارخ للقانون وضوابط المجتمع. رؤوس ووجوه عدد من الشباب بدت وقد علتها الدماء، كأنهم خرجوا لتوهم من حرب ضروس تشهدها الدارالبيضاء، بينما في الواقع أن "راس العام" قلب مناطق كثيرة من "كازا نيغرا" رأسا على عقب، فصار ليلها نهارا ونهارها ليلا، وهيمنت العربدة على الاحتفال السليم بالمناسبة. شباب في عمر الزهور، ذكورا وإناثا سواء بسواء، ذهبت بهم الخمرة أي مذهب، وانتشوا بالمخدرات أيما انتشاء، شوهدوا في أوضاع غير طبيعية، فمن شبان يقاومون رجال الأمن المتربصين، إلى فتيات مخمورات يغطين وجوههن درء ل"الفضيحة"، بينما أخريات يشرحن وضعيتهن لشرطيات. وحام عدد من الفضوليين والمصورين، تسابقوا إلى هواتفهم وآلات تصويرهم، حول مشهد مثير لفتاة في ريعان شبابها، وهي في حالة انتشاء كامل أفضى إلى غيبوبتها، بدت وهي جالسة على الأرض تستند على سيارة مركونة بالرصيف، وقد أغشمت عينيها من شدة التعب أو السكرة. ولم تمر سوى لحظات حتى هوت الفتاة المنتشية ب"راس العام" الجديد على الأرض، وقد بادر بعض الحاضرين إلى رشها بالماء حتى تستفيق من غيبوبتها جون جدوى، مما دفه رجال الأمن إلى المبادرة بحملها إلى حيث يمكن أن تستعيد وعيها، وتستفيق من عربدتها على مرأى من الناس. وتميزت ليلة رأس السنة بالدارالبيضاء بحضور لافت وقوي لنساء جهاز الأمن، سواء بتدخلاتهن في الميدان، من خلال توقيف بعض المخلات بالآداب والأخلاق العامة من فرط تناولهن للخمور أو المخدرات، أو عبر إجراءات البحث الإلكتروني عن هويات أشخاص موقوفين. وليست ليلة رأس السنة الجديدة بكل هذا الزخم من العربدة والسكاكين بمختلف الأحجام، بل مرت عند الكثيرين أيضا في أجواء من الفرحة والحبور، حيث عمد البعض إلى التقاط صور جميلة مع "بابا نويل"، فيما تزينت محلات تجارية ومقاه عديدة بألوان المناسبة، وبالحلويات والهدايا المختلفة.