ليلة عسيرة بكل المقاييس تلك التي قضاها المئات من رجال الأمن وأفراد الشرطة، في العديد من المدن المغربية، خلال آخر ليلة من سنة 2013، حيث وجد أغلبهم نفسه بين مطرقة الحفاظ على الأمن، دون إحداث أضرار بشرية أو مادية، وبين سندان مطاردة المنحرفين والسكارى من الجنسين معا. وواجه رجال الأمن، خاصة في الساعات الأخيرة من ليلة رأس السنة الجديدة، أمواجا بشرية كثيفة دون حصر ولا حد، جعلتهم يعيشون حالة طوارئ حقيقية، إذ لم تكتحل عيونهم بالنوم، ولا هنأ بالهم من أحداثها سوى ببزوغ أولى تباشير صباح الأربعاء، أول يوم في السنة الجديدة. فتاة في عمر الزهور ألقى بها السكر الطافح في قارعة الطريق، دون أن تدرك شيئا مما تفعله، وقد عمدت إلى جرح معصم يدها من فرط نشوة الكحول.. مشهد تكرر كثيرا لدى رجال الأمن الذين غالبوا التعب والسهر من أجل تفادي مثل هذه المظاهر المسيئة لاحتفالات سعيدة بقدوم عام مفعم بالأمل والتفاؤل. وشاب يرعد ويزبد، يلعن ويشتم، من فرط استهلاك مخدر "القرقوبي"، حتى أنه لم يأبه لتواجد عناصر الشرطة..منظر أثار استياء الكثيرين ممن أرادوا الاحتفال ب"بوناني" بشكل "سلمي"، حيث تكرر في أكثر من حي، وأكثر من زقاق من أزقة مدينة عملاقة كالدارالبيضاء. فتيات صغيرات السن، وفتيان في عمر الربيع..جميعهم انخرطوا في موجة "تبواق" واحدة، أفضت بهم إلى ملامسة تلابيب واقع آخر غير واقعهم الذي يعيشون في تفاصيله المملة يوما عن يوم، فكأنما أرادوا التأشير على ميلاد عام جديد لهم تحت عنوان "اللا وعي". وليست وقائع السكر الطافح، وحالات حيازة قنينات الكحول، ونماذج التمرد على "قيود" المجتمع، وحدها التي استأسدت مشاهد ليلة رأس السنة الجديدة في الدارالبيضاء، كما في بقية مدن البلاد، بل كان لحوادث الطرقات نصيب كذلك من كعكة "بوناني"، فسيارة انقلبت بصاحبها هناك، وأخرى لم تجد بدا من الاصطدام بالمارة..في مشاهد مرثية جعلت من ليلة رأس السنة حدثا حبس أنفاس رجال الأمن والمواطنين على السواء..في انتظار "بوناني" آخر السنة المقبلة.