ما تزال ساكنة دوار أَمزْري وإشبّاكن وتسكايوالت بجماعة إمي نْ وُولاون بإقليم ورزازات تحفظ تاريخ 25 نونبر 2011، فهو لم يكن تاريخا عاديا، إذ حطت في "دوارهم" مروحية تحمل معها صندوق شفّافا وبعض أعوان السلطة. الصندوق الشفاف، الذي حط عند سكان هذه المناطق، كان الغاية منه أن يؤدي سكان هذه الدواوير "الواجب الوطني" المتعلق بالانتخابات التشريعية، حتى يصوتوا في الوقت المطلوب كما يصوت باقي المواطنين في السهل والسفح. الثلوج وقتها كانت تكسو الجبال، ولم يتمكن أعوان السلطة ومراقبو الانتخابات من الوصول إلى هذه الدواوير، ولا خلاص أمام سلطات البلد سوى استعمال مروحية مُجهزة لنقل صندوق الانتخاب، ليصل الدوار إلى المكان المعهود. يتذكر المواطنون وراء جبال تيزي ن وُولاون، هذه الأيام، تلك المروحية التي زارتهم منذ 3 سنوات، خاصة أنهم الآن في أمس الحاجة إلى أن تحمل إليهم المساعدات الإنسانية بعدما شملهم غضب الطبيعة الذي حاصر الجنوب الشرقي منذ أزيد من أسبوع، لكن لا أثر لتلك المروحية، يقول المواطنون. توجد هذه الدواوير في منطقة جبلية على الحدود بين إقليمي أزيلالوورزازات، وتبعد بقرابة 100 كيلومتر عن مركز ورزازات وتعرف طقسا قاسيا في فصل الشتاء، إلا أن الأمطار الأخيرة التي عرفتها المنطقة زادت من تفاقم الوضع الانساني بهذه القرى الجبلية. تناقص الدقيق والمواد الغذائية وقال جمعويون لهسبريس إن الوضع بدواوير إشباكن وتساوت وتسكايوالت وأمزري ينذر بكارثة إنسانية، خاصة بعد الأمطار الأخيرة التي عرفتها المنطقة. توقيت الأمطار الأخيرة جاء مع نهاية الشهر، أي انتهاء أكياس الدقيق المدعم الذي يتم إيصاله للسكان نهاية كل شهر، لكن انقطاع الطرق بسبب الثلوج الكثيرة وسيول الوديان بالمنطقة، أعاق وصول الدقيق المدعم والغاز والمواد الغذائية الأخرى، في غياب أي تدخل للمسئولين لتخفيف الوضع وتزويد السكان بالحاجيات الأساسية. تضامن السكان انهارت العديد من المنازل بدواوير إشباكن وأمزري وتسكاولت وتساوت وغيرها من مداشر إِمِي نْ وُلاون، وضربت الطبيعة حصارها على أزيد من 4000 نسمة. وبحسب مواطنين اتصلوا بهسبريس من اشباكن، فإن 8 عائلات انهارت منازلها وأصبحت تبيت عند الجيران، حتى أن سيدة تهدم منزلها في غياب زوجها جاءها المخاض ووضعت وليدها عند الجيران. وإذا كانت أيام الشقاء تؤلف قلوب التعساء وتجعلهم يتضامنون فيما بينهم، ويخدمون بعضهم البعض، لمواجهة الظروف القاسية وإهمال الدولة، فإن هناك من يعمل بمبدأ مصائب "قوم عند قوم فوائد". وفي هذا السياق يعمد بعض التجار، وفق ما صرح به أحد الناشطين الجمعويين للجريدة، إلى مضاعفة أثمان بعض السلع، ولا يبيعونها إلا لمعارفهم، مثل قنينات الغاز والسكر والشاي والدقيق.. عُطلة ممتدة لم يلتحق التلاميذ بأقسامهم بالمدارس الابتدائية التابعة للمدرسة المركزية بقرية أمزري، ونفس الشيء كذلك بالنسبة للفرعيات المجاورة، والأقسام خاوية على عروشها بكل من تاكزيرت، تاساوت، إشباكن، أمزري. وأفاد أحد المواطنين أن "مركزية أمزري تعتبر أكبر مدرسة مركزية بجهة سوس ماسة درعة، إذ تضم 900 تلميذا، لكنها تعرف أكبر هدر مدرسي بالجهة ككل، نظرا لغياب إعدادية قريبة". وأضاف المتحدث أنه "من هذا العدد الكبير من التلاميذ لا يلتحق بالمستوى الاعدادي سوى 30 تلميذا من بينهم 4 تلميذات فقط، في حين أن لو تم بناء مؤسسة اعدادية قريبة لكان الوضع أحسن بكثير". مطلب آني وقال محمد بعدي، أستاذ بالمنطقة وفاعل جمعوي، إن " سُمك الثلوج بلغ في بعض المسالك مترا واحدا، وأن الأمطار الأخيرة أغلقت المنافذ للمنطقة، مما جعلها في حصار". نفس المتحدث أوضح لهسبريس أن المنطقة تستدعي تدخلا عاجلا قبل فوات الأوان، وأن مناطق القريبة من ورزازات قد جلبت إليها الاهتمام الاعلامي بفضل قربها من المسئولين، في حين أنه لا أحد سأل عن معاناة ساكنة هذه الدواوير التي تعاني البرد وانقطاع الطرق".