ثلاثَةٌ أعوامٍ بالتمام والكمَال تقفلُ، بحلُول اليوم، على إجراء أوَّل انتخاباتٍ تشريعيَّة فِي ضوءِ "دستور المملكة الجديد".. وذلك بعدَ خروج الشارع المغربِي في نسخته من "الربيع العربِي" مناديًا بإصلاح ما يمكن إصلاحه. الانتخابات التِي أفضت إلى صعُود حزب العدالة والتنميَة، ذِي المرجعيَّة الإسلاميَّة، إلى الحكومة وقيادتها، أولِ مرَّة، تذكِي جملةً من الأسئلة في العام الثالث المار على محطّة 25 شتنبر 2011، أبرزها يقترن بما إذَا كانت قدْ شكلَت بالفعل لحظةً فارقة في "الانتقَال الديمقراطِي" للبلاد بمعطاهَا الجدِيد، أمْ أنَّ دار لقمَان لا تزَال على حالها بفعل نمط الاقتراع القائم الذي لا زَال يحُول دون قيام حكومة أغلبيَّة تملكُ زمام أمرهَا. ولأنَّ كثرًا هم من خرجُوا إلى الشارع في أوج حراك تنسيقيات حركة 20 فبراير، عبر كل مناطق المملكة، فإن رؤاهم تتأرجح اليوم بينَ من يبدِي خيبةً إزاء الأعوام الثلاثة التي تلت الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبين منْ يرى أنَّ "حكومة العدالة والتنميَّة" اشتغلتْ فِي حدُود ما أمكنهَا، وأنَّها لقيت من العراقيل ما جعل أداءها دون المأمُول لدى المغاربة. أشرف العلمِي، الطالب في كليَّة العلوم والتواصل في سايس بفَاس، يتذكرُ يوم إجراء الاقتراع، قائلًا إنَّ والدته عقدت أملًا على حزب العدالة والتنمية فِي الدفع بالأمور نحو الأفضل، "لكن مع مرور الوقت، صعقنا بقراراتٍ نالت من جيوب البسطاء، وحملتهم فاتورة أخطاء ارتكبها غيرهم، مع التنصل من المسؤوليَّة بالحديثٍ عن التماسيح والعفاريت" يزيد ذات المتحدث ضمن تصريح لهسبريس. أشرف لم يشارك في انتخابات ال25 نونبر، ويقر بأنه لا يعتزمُ المشاركة أيضًا في الانتخابات المرتقبة سنة 2016، ويورد بشأن ذلك" " لقد فقدتُ الثقة في الأحزاب السياسيَّة بالمغرب، وقدْ زادت تجربَة العدالة والتنمية من يقينِي بألَّا رهان على الأحزاب". أمَّا الطالب في كليَّة الحقوق بالمحمديَّة زكريَاء بوجنَّة فيرَى أنَّ ال25 من نونبر 2011 "لم تحمل تغييرات جذريَّة في حجم طموحات المرحلة، يقول زكرياء مردفًا أنَّه بعد مرور "ثلاث سنوات، لا تلوح له تغييرات كبيرة قياسًا بما كان عليه الوضع قبل 2011.. ويضيف: "لمْ أصوت في الخامس والعشرين من نونبر لأننِي لمْ أكن بالمدينة التي جرى تسجيلِي بها، وهو ما يبرزُ مطلب التصويت بالبطاقة الوطنيَّة، الذِي ينتصر له فريقا الأغلبيَّة والمعارضة، في مقابل وزار الداخليَّة، التِي لا تزَال لها الكلمة الفصل فِي كثيرٍ من الأمُور". في غضُون ذلك، يعتقدُ عبد الرحِيم الجعوانِي، الذِي صوتَ للعدالة والتنمية، أنَّ الانتخابات النيابية الأخيرة كان لحظة ديمقراطيَّة حقيقيَّة "حتَّى وإن كان هناك من يحاول إغلاق قوس الديمقراطيَّة، والعودة إلى سنوات التحكم التي سبقت الربِيع العربِي".. ويرى عبد الرحِيم أنَّ هناك تغييراتٍ مع حكومة بنكيران، يقرُّ بها المعارضُون أنفسهم، "لكن لا تزالُ بالرغم من ذلك عقليَّات من عهد البصري تتحكم في دوالِيب الدولة، تجعلُ التغيير صعبًا ودُون ما ينتظرهُ المغاربة" يقُول المتحدث المنتمِي إلى شبيبة حزب المصبَاح. أمَّا صلاح الدين العابر، الفاعلُ الجمعوِي في مدينة آسفِي، فيقللُ من شأن ما أعقب الخامس والعشرين من نونبر "البرلمان بصيغته الحاليَّة لا يبدُو لِي في خدمة الإرادة الشعبيَّة ولا هُو يعبرُ عنها، وبالتالِي لستُ ألحظُ تغييرًا رغم كلِّ ما اعتمل في الساحَة المغربيَّة أيَّام عشرين فبراير التِي نزلَ فيها إلى الشارع ينادِي بالإصلاح.