يشكل مسجد "شيقوان" بمدينة "لان تشو" الواقعة بإقليم "قانسو"، شمال غرب الصين، معلمة دينية عريقة تشهد على اندماج مسلمي الصين في مجتمعهم وكذا تعايشهم مع مختلف الديانات والقوميات في هذا البلد الذي يتجاوز عدد سكانه مليارا و300 مليون نسمة. إمام مسجد شيقوان بمدينة لان تشو عمر المختار، في عرض قدمه أمام أعضاء وفد إعلامي مغربي زار مدينة لان تشو، في إطار زيارة إلى الصين بدعوة من اتحاد الصحفيين لعموم الصين، شملت أيضا مدن دون هوانغ وشنغاي وبكين، أكّد أن المسجد يشهد إقبالا من لدن مسلمي المدينة لأداء الصلوات الخمس إضافة إلى صلاة الجمعة التي يحضرها حوالي ألفي مصل. وأبرز الإمام المختار ذو الأربعين من عمره، والذي تلقى تعليمه في مجال العلوم الاسلامية بكل من بلاده الصين وكذا بماليزيا، في هذا العرض تعايش مسلمي الإقليم مع أتباع مختلف الديانات والقوميات بالبلاد. ويعود تاريخ بناء هذا المسجد الذي تبلغ مساحته الاجمالية 10 آلاف متر مربع إلى عهد الامبراطور هونغ وو بأسرة مينغ الملكية في القرن الرابع عشر الميلادي. وقد خضع لعدة عمليات إعادة بناء منها على الخصوص تلك التي تمت عام 1684 والتي تزامنت مع عهد الامبراطور كانغ شي وهو ما جعله بناية مميزة بخصائص القصور التقليدية الصينية. وذكرت وثيقة تعريفية بالمسجد وزعت على أعضاء الوفد الاعلامي المغربي أن حكومة إقليم قانسو كانت قد صنفت المسجد ضمن الآثار المحمية بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، غير أنه تعرض بعد ذلك للهدم إبان حركة الثورة الثقافية الكبرى. وفي عام 1986 تم إطلاق أشغال برنامج إعادة إعماره لاسيما بعد حصوله على تمويل من البنك الاسلامي للتنمية، وتم الانتهاء من هذه الأشغال سنة 2003 . وكان يطلق على هذه المعلمة "مسجد المسافرين" حيث عمره التجار المسافرون المسلمون الذين كانوا يتنقلون عبر طريق الحرير القديم. وعلاوة على كونه فضاء لأداء الصلوات، يقوم المسجد بأدوار أخرى في مجال تدريس علوم الدين وتعليم العربية والصينية لرواده من مختلف الأعمار. من جانبه، أكد نائب رئيس الجمعية الاسلامية في إقليم قانسو وأمينها العام السيد مايو تشن، في عرض مماثل، أن المسلمين الذين يفوق عددهم مليون و830 ألف نسمة ( 1.830.000) في هذا الإقليم يتمتعون بحقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية كما يساهمون في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها الصين بصفة عامة وإقليم قانسو بصفة خاصة. وأشار نائب رئيس هذه الجمعية التي تأسست عام 1957 إلى أن المسلمين ينتظمون في إطار 53 جمعية إسلامية بإقليم قانسو التي يتجاوز فيها عدد المساجد 4700 مسجدا منها 136 بمدينة لان تشو، مسجلا بأن عدد الأئمة الذين يسهرون على بيوت الله في الإقليم يفوق 5000 إماما. وذكر بأن تمركز المسلمين في إقليم قانسو الذي يناهز عدد سكانه 25 مليون نسمة يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي بعد أن هاجر عدد كبير منهم من آسيا الوسطى إبان مرحلة طريق الحرير حيث ساهموا بشكل كبير في ازدهار التجارة بين الصين وأوروبا وأسيا الوسطى وشمال افريقيا. ولم يفت عمر المختار ومايو تشن أن يشيدا بزيارة الوفد الصحفي المغربي لمقر الجمعية الإسلامية لقانسو والمسجد الكبير لمدينة لان تشو، مبرزين علاقات الصداقة والتعاون الوطيدة القائمة بين المغرب والصين في مختلف المجالات. وإضافة إلى المعالم الإسلامية، يزخر إقليم قانسو، وتحديدا مدينة دون هوانغ، بمآثر تاريخية آية في الروعة ممثلة أساسا في كهوف موغاو التي صنفتها منظمة اليونسكو سنة 1987 ضمن التراث الإنساني العالمي والتي تؤرخ لانتشار البوذية في الصين علاوة على فضاء الصحراء الذي يمنح المدينة طابعا مميزا. وفي لقاء مع الوفد الاعلامي المغربي، أكد هي جيانشينغ، مسؤول التواصل بمجلس مدينة دون هوانغ، أن المواقع التاريخية التي تتوفر عليها المدينة جعلت منها قبلة للسياح من داخل الصين وكذا من الخارج إذ يزورها سنويا أزيد من 100 ألف سائح أجنبي. كما عبر عن أمله في إبرام اتفاقية توأمة مع مدينة مغربية تتوفر على مؤهلات سياحية وثقافية مماثلة وذلك بهدف تبادل الخبرات والعمل من أجل جعل السياحة قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذا النهوض بالموروث الثقافي العريق للمدينتين. وبالإضافة إلى الإطلاع على مجموعة من الأوراش التنموية الجارية بمدينة لان تشو لاسيما بمنطقتها الصناعية الجديدة ، فقد مكنت هذه الزيارة الوفد الاعلامي المغربي أيضا من الوقوف عن كثب على التحولات التي يعرفها قطاع الإعلام في الصين من خلال زيارة المجموعة الصحفية لشنغاي ومحطة الإذاعة والتلفزيون لشنغاي والصحيفة اليومية لقانسو والمحطة العامة الاذاعية والتلفزية لقانسو علاوة على وكالة الأنباء الصينية شينخوا ومقر اتحاد الصحفيين لعموم الصين ببكين. *و.م.ع