في أول الأمر بادرونا بهذا الكلام: صرح مصطفى سلمى ولد مولود بأنه يدعم مشروع الحكم الذاتي في الصحراء...رئيس بوليس البوليساريو عقد ندوة صحفية أعرب فيها عن دعمه للمقترح المغربي في قضية الصحراء كما أبدى إعجابه بالمسار التنموي للأقاليم الجنوبية........ وهنا أظهروا لنا بعض الصور للندوة التي عقدها الرجل فاعتبرنا ذلك تسويقا مباحا للقضية الوطنية الأولى. ألا ترون أن الأمور تسير لحد الآن بشكل جيد؟ صدقوني فعندما استمعت إلى هذه الخطب الرنانة قلت: إذا كان هذا الرجل ذكيا فإنه لن يعود إلى تندوف، وما عليه إلا أن يهيئ نفسه لمعانقة رخص الصيد في البحر والنقل في البر والتحليق في الجو...وإذا لم نجد له سفارة شاغرة يمكن تعيينه سفيرا متنقلا على غرار من سبقوه!!! لكن حدسي لم يصدق فقد عاد صاحبنا إلى أغبياء الجزائر ليصنعوا منه بطلا. المهم أنه منذ غادر الرجل فقعوا رؤوسنا بكلام لا أول له ولا آخر، نزل على صدورنا كالهم والغم ولا يبدو أنه سينزاح : مصطفى سلمى تم اختطافه على يد مرتزقة البوليساريو(أليس منهم؟)...مصطفى سلمى محتجز في مخيمات تندوف ويتم استنطاقه من طرف محمد عبد العزيز شخصيا (أليس صديقه؟)....لقد تم اعتقال المناضل الكبير مصطفى سلمى ولد مولود (متى أصبح مناضلا وكيف؟) رأينا بعد ذلك جمعيات من شمال المغرب إلى جنوبه تندد باعتقال البطل، وجماهير تخرج في مسيرات نحو معبر زوج بغال أو زوج حمير وهي تحمل رسائل التوسل والتذلل لحاكم الجائر تطالبه بالإفراج عن الرجل، كما تابعنا كثيرا من المواطنين بوجوههم الشاحبة يعبرون عن انشغالهم بهذه القضية ويعربون عن قلقهم الشديد على صحة مصطفى سلمى...مع أني لا أعرف من يجب أن يقلق على صحة من؟ مجموعة من الحافلات تم شحنها بمواطنين لا يفهمون سبب هذا الشحن تم التوجه بهم من مراكش إلى أكادير ثم إلى البيت العامر بالسمارة حيث يمكنهم التبرك بكرامات الشيخ ولد سيدي مولود...هؤلاء الحجاج لم يتأخروا عن التعبير عن تأثرهم البالغ لما قد يلقاه الرجل بحيث لم يعد يستقيم لهم لا أكل ولا شرب ولا الجلوس في المقهى وتدخين سيجارة ّ! أما الأب المكلوم بفقدان إبنه(وما أكثر المكلومين في هذا الوطن)الذي كان أقصى أحلامه أن يزور طنجة رأيناه في واشنطن ونيويورك يصرح هنا ويخطب في الناس هناك وكان علينا أن ننفق من وقتنا الساعات الطوال ونحن نتابع كيف يشرب الشاي في فنادق أمريكا وكيف يتمشى قرب البيت الأبيض، وبطبيعة الحال نحن من يدفع المصاريف. المهم أن الدنيا قامت ولم تقعد من أجل من لعن هذه الأرض نهارا جهارا، حتى أنه وبعد إعلان فك سراحه من الحجز استمرت هذه الجعجعة بدون توقف: بادرنا وزير الاتصال بطلعته البهية بيد تقرع الطاولة ورأس يتنطع كأنه هتلر يعلن الحرب على بولندا، كل هذا الهيجان ليقول لنا أنه خائف ألا يتمتع البطل بعد الإفراج عنه بحرية التعبير والتنقل وأكل لحم الإبل وشرب حليب الناقة وركوب البعير، كما لقننا سيادة الوزير وبشكل متعصب درسا وافيا في معنى الحرية التي يجب أن يتمتع بها ولد مولود. أما الإعلام الرسمي فقد واصل تعميق جراحنا بتلك العبارة التافهة:(المناضل الكبير والبطل مصطفى سلمى ولد مولود)، وكأنهم يقولون لنا: افهموا يا أوغاد إن البطولة والنضال ليس أن تضعوا الأعلام على بيوتكم في الأعياد وبدون أعياد، وإنما البطولة والنضال أن تزحفوا بخيامكم في الصحراء وتنعلوا سلسبيل هذا الوطن. صراحة بعد كل هذه الضجة نظرت إلى نفسي وقلت: يا لك من صعلوك قضيت عمرك تعشق هذا الوطن ، تكتب أشعارا في حق هذا الجسد الفاتن الممتد من طنجة إلى حدود موريتانيا ، لم يخالجك شك في مغربية الصحراء ، لم تشرب الشاي مع بوتفليقة ولم تعانق محمد عبد العزيز، لم تقدم لهذا الجبان صكوك الطاعة والولاء. لم تترأس بوليس المرتزقة و لم تضطهد المغرر بهم في مخيمات الوهم. حتى إذا أحرقتك شمس الهاجرة في تندوف عدت إلى الوطن لتنشد الأناشيد. يا لك من تافه، واضح منذ البداية. لا تزايد على وحدة البلاد والعباد. بعد هذا كله ألا تستحق منزلا فاخرا بالعيون وراتبا بدون عمل ودقيق بنصف الثمن ؟ وإذا قطعوك أشلاء في ثكنات الجزائر هل ستخرج الجمعيات في مسيرات وتدك الناس في الحافلات لنصرتك؟ لا أظن [email protected]