بعد مرور ثلاث ولاياتٍ تشريعية من عمر الحكومة الحالية، دون إخراج القانونين المنظمين للأمازيغية، وفق ما تنصّ عليه المادّة الخامسة من الدستور، أبْدى عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أحمد بوكوس، قلقه من وجود بواعث شكّ حول مدى جدّية تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بعد التنصيص عليها لغة رسمية في دستور 2011. وقال بوكوس في مداخلة له خلال مائدة مستديرة نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مساء الجمعة بالرباط، تحت عنوان "الأمازيغية وتنزيل الدستور"، في إطار تخليد الذكرى الثالثة عشرة لإعلان تأسيس المعهد، (قال) إنّ الأمازيغية تعيش اليوم، متأرجحة ما بين الانتظارات المُلحّة والإحباطات الناجمة عن طول أمد الانتظار. وعلى الرغم من اعتباره لمسيرة 13 عاما من عمر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية "مسارا يبعث على الارتياح والتفاؤل"، لافتا إلى تحقّق جملة من الإنجازات والمكاسب الرامية إلى النهوض باللغة والثقافة الأمازيغية، غير أنه استدرك أنّ "الشعور بالارتياح تعكّره أحيانا تمظرهات تزرع بوادر الشكّ في الأذهان". وقصَد بوكوس بحديثه تأخّر إصدار القانونين التنظيميين للأمازيغية، المنصوص عليهما في المادّة الخامسة من الدستور، وغياب رؤية واضحة بشأن وضعها داخل المجلس الوطني للغات، ووجود مثبّطات وعراقيل تحول دون إدماجها، بشكل شامل، في القطب العمومي للإعلام السمعي البصري، وكذا في المنظومة التعليمية. ووجّه عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية انتقادا للحكومة على تأخرها في إصدار القانونين التنظيميين للأمازيغية، واصفا ذلك ب"المفارقة الصارخة بين المكاسب، وبين السياسة الحكومية"، وأضاف أنّ الاعتراف بالأمازيغية شرط غير كاف للنهوض بها، "بل لا بدّ من التوعية لدى النخب السياسية والثقافية من أجل تجاوز هذه الوضعية"، يردف المتحدث. واعتبر بوكوس أنّ الأمازيغية تعتبر رافدا أساسيا من روافد الديمقراطية، وقال في هذا السياق إنّ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية اقترح جملة من التدابير لتفعيل القوانين التنظيمية للأمازيغية، كما هو منصوص عليها في المادة الخامسة من الدستور، والعمل بشكل استعجالي بهدف بلورة وتفعيل مخطط استراتيجي يروم الإدماج الفعلي للمكون الأمازيغي في مختلف المجالات. وبخصوص موضوع تدريس اللغة الأمازيغية، أبْدى بوكوس عدم ارتياحه لما تحقّق لحدّ الآن، بل ذهب إلى القول إنّ اللغة الأمازيغية لم تنلْ حقّها من الخطة الوطنية لوزارة التربية الوطنية، في إطار رؤيتها في أفق سنة 2030، وتابع "الأمازيغية أقصيت تماما من مشروع هندسة التربية والتكوين، ولا وجود لها في خطة الوزارة". واستطرد بوكوس أنّ "مكتسبات تدريس الأمازيغية، على أهمية ما تحقق، تظل دون الطموحات، ولا تسعف في تحقيق الأهداف المرسومة، منذ خطاب أجدير، وعلى رأسها تعميم تدريس الأمازيغية أفقيا وعموديا"، مشيرا إلى أنّ عملية تدريس الأمازيغية تشوبها عدة اختلالات، وهو ما اعتبره "مؤشرا على وجود خلل على مستوى الحكامة وتدبير هذا الملف".