كثيرة هي الألقاب التي أطلقت على جوليوس ماليما، المعارض الجنوب إفريقي، الذي تسلط عليه الأضواء بشدة، منها بطل الفقراء، الشعبوي، الغوغائي الخطير. فقد ارتقى هذا الشاب، الذي يبلغ بالكاد 33 سنة، الدرجات بشكل مهول منذ طرده سنة 2012 من المؤتمر الوطني الإفريقي (الحزب الحاكم) لاتهامه بمحاولة زرع الانقسام داخل الحزب .. ولم يكن أبدا بعيدا عن الأضواء مكثرا من خرجاته المثيرة. ويتهم ماليما، الذي يتزعم حاليا حزب "مقاتلي الحرية الاقتصادية"، الذي تأسس بعد انفصاله عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، من قبل مناوئيه بأنه يتبنى خطابا شيوعيا خطيرا وخطبا تحريضية لغرض وحيد يتمثل في إثارة انتباه وسائل الإعلام. في المقابل، يرى مؤيدوه، الذين يقدر عددهم بالآلاف، بأنه خطيب مفوه يدافع بشراسة عن حقوق الفئات المحرومة، ما يؤهله ليكون الوريث الشرعي للروح الثورية لحزب "المؤتمر الوطني الإفريقي". بدورهم، يعترف المحللون السياسيون لهذا الشاب، الذي ينحدر من ليمبوبو (350 كلم شمال جوهانسبورغ)، بالإرادة الكبيرة التي مكنته من كتابة ميلاد سياسي جديد له بعد طرده من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، على النقيض من العديد من السياسيين البارزين الذين طالهم النسيان بعد أن لحقتهم عقوبات قيادة حزب نيلسون مانديلا. وقد أكدت الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر مايو الماضي صعود نجم ماليما، الذي تمكن حزبه من نيل 25 مقعدا ببرلمان الدولة. وبعيون المراقبين الغربيين، من قبيل توم كارجيل، المدير المساعد لبرنامج إفريقيا بالمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية (تشاتهام هاوس) الذي يوجد مقره في لندن، فماليما يعتبر سياسيا راديكاليا "استغل مؤهلاته السياسية من أجل إيديولوجية تقوم على التقسيم"، مذكرا بالدور المحوري الذي اضطلع به ماليما لتمكين الرئيس الحالي جاكوب زوما من الوصول إلى رئاسة البلاد سنة 2009. وإذا كان المسار السياسي لماليما يظل واعدا حسب مؤيديه، فإن الثروة التي راكمها بفضل اهتماماته التجارية تثير شكوكا كبيرة حول موضوع مستقبله السياسي. فماليما، المعروف بضلوعه في التحريض على الكراهية، هو الآن موضوع متابعة من أجل الرشوة، كما أنه متهم بتحويل الأموال المخصصة لمشاريع البنية التحتية، لاسيما الطرق، لإقليم ليمبوبو الذي ينحدر منه. ومن شأن جلسة المحاكمة التي تم تأجيلها هذا الأسبوع إلى غاية غشت من سنة 2015، في حال تم توجيه الاتهام إليه، أن تفقد ماليما مقعده البرلماني وتضع نهاية لظاهرة سياسية إعلامية يصفها البعض ب"تسونامي ماليما". لكن ماليما لم يعر أدنى انتباه للاتهامات التي صدرت في حقه، قائلا عند خروجه من المحكمة في شهر مايو الماضي، بأن نزاعه مع المحكمة هو نتيجة "مؤامرات سياسية تهدف إلى القضاء على مستقبله السياسي". وبعيدا عن مساره السياسي ومناوشاته المتعددة مع العدالة، يجسد هذا الشاب، المنشق عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، حسب المراقبين، الغموض والانقسامات التي لا تزال تسم جنوب إفريقيا بعد مرور سنوات عديدة على سقوط نظام الميز العنصري. ويوضح توم كارجيا، عن معهد الدراسات الدولية البريطاني، أنه في بلد لا يزال يعاني من فوارق اجتماعية واقتصادية، فإن أسلوب ومسار ماليما يحملان دلالات كثيرة، مضيفا "أعتقد أن ماليما أظهر طيلة مشواره السياسي الانقسامات التي لا تزال سائدة في جنوب إفريقيا". وخلص الباحث البريطاني إلى أن الكثير من مواطني جنوب إفريقيا، الذين يتعاطفون مع السياسي الشاب ماليما، يعتقدون أنهم بذلوا الكثير من التضحيات منذ انتهاء سياسية الميز العنصري، دون أن ينالوا أي مكافأة في المقابل. *و.م.ع