يبدو أن وصول سيريل رامافوزا إلى السلطة في فبراير الماضي، عوض الرئيس السابق المثير للجدل جاكوب زوما، لم يكن له الأثر المنشود لإعادة الوحدة داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب السياسي الذي يحكم البلاد منذ نهاية الأبارتاتيد في 1994. وقد آثار انتخاب رامافوزا (65 سنة) على رأس الحزب في دجنبر 2017 وبعدها كرئيس للبلاد بعد طرد زوما، على وقع سلسلة من الفضائح السياسية والمالية، آمالا في رؤية حزب نيلسون مانديلا يطوي صفحة الانقسامات الماضية. لكن التكهنات حول انقسام محتمل داخل الحزب تزايدت مؤخرا، حيث ضاعف أنصار زوما الهجمات ضد الرئيس الجديد، وهددوا بوقف برنامج إصلاحه الاقتصادي. وأوردت وسائل الإعلام أخبارا متعددة حول نية أنصار زوما، خصوصا في إقليم كوازولو ناتال، المعقل التاريخي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، بإحداث حزب جديد. وقال الحزب الشيوعي، شريك حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في الحكم، على لسان بلاد نزيماند، العضو في الحزب ووزير النقل، أن الانقسامات داخل الحزب الحاكم تفاقمت منذ انتخاب رامافوزا. ونقلت يومية (دي ستار) عن نزيماند قوله بأن معسكر زوما يسعى على الخصوص إلى وقف الحملة الذي أطلقها رامافوزا للقضاء على الفساد، وهي الآفة التي تنخر المقاولات العمومية وتمثل عائقا من العوائق المهمة التي تعرقل الانتعاش الاقتصادي للبلد. ويجتمع محللو المشهد السياسي الجنوب الإفريقي على أن أنصار الرئيس السابق ليسوا على استعداد لنسيان الخصومات الماضية. وأضاف المحللون أن عدة حلفاء لزوما مازالو يتقلدون مناصب مهمة داخل الحزب، مشيرين إلى أن هؤلاء المسؤولين لا يدخرون أي جهد لإعاقة برنامج الإصلاح المقترح من طرف رامافوزا لإنعاش النمو الاقتصادي الضعيف. وعاش حزب المؤتمر الوطني الإفريقي نفس السيناريو في 2008، عندما أحدث أنصار الرئيس السابق ثابو مبيكي، الذين لم يحتملوا طرد مبيكي من الرئاسة من طرف معسكر زوما، حزبا جديدا سموه مؤتمر الشعب. وشهد الحزب انقسام آخر في 2013 عندما اجتمع الأعضاء المتشددون في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والأعضاء السابقون في جمعية الشباب لتكوين حزب مقاتلي الحرية الاقتصادية تحت رئاسة القائد الشاب الشعبوي، جوليوس ماليما. وقد أصر زوما حتى الآن على الابتعاد عن الحركة الانقسامية الجديدة داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. لكن أحد قادة الحركة الجديدة صرح ليومية (دي مايل آند غارديان) أنه تم تنظيم اجتماعات مع زوما، لاختيار قائد للحزب الجديد، الذي سيطلق عليه اسم المؤتمر الإفريقي للتحول. وأكد قادة الحركة أن كل شيء جاهز للإعلان، في غضون أسبوعين ، عن إنشاء الحزب الجديد الجديد المدعوم بحسبهم من قبل الزعماء الدينيين والزعماء التقليديين ورجال الأعمال. وتأتي هذه المحاولة الجديدة للانقسام في لحظة حاسمة بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي يحاول توحيد صفوفه في أفق الانتخابات العامة المقررة في 2019. وتأتي هذه التطورات في وقت لم يتعافى فيه الحزب بعد من الهزيمة التي مني بها في الانتخابات الجماعية ل 2016 بسبب الانقسامات حول سياسة زوما. وخلال هذا الاقتراع، فقد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ، الذي اعتاد على الانتصارات السهلة في جميع العمليات الانتخابية منذ عام 1994 ، السيطرة على مدينة جوهانسبرغ وبريتوريا وبورت اليزابيث. ووفقا للمحللين، فإنه من المرجح أن تهدد الحركة المنشقة الجديدة الحزب الحاكم خلال الانتخابات المقبلة، التي اقترب موعدها. وقال المحلل ستيفان غروتس أن "كل المؤشرات تدل على أن الانقسامات داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ستتفاقم في الأشهر المقبلة ، وهو وضع قد يكون مكلفا بالنسبة للحزب خلال الاقتراع المهم ل 2019".