في حكي قصة الدولة الإسلامية "داعش" ، تختلف روايات تأصيل هذه المجموعة ؟ ليس في كونها الإبنة العاقة لتنظيم بن لادن "القاعدة" المشهود لها بأنها كانت تعادي الغرب الكافر .أو في كونها تنتمي للإسلام السياسي في حركاته السلفية المتشددة الداعية للجهاد ، أو في كونها نموذج للاسلام الجهادي على غرار حركة حماس والجهاد الإسلامي المنافح عن دولة فلسطين أو حزب الله في جنوبلبنان . بل تختلف الرويات ، حول من أين لداعش بكل هذه الجرأة في قتل "الانسان" في الدول العربية والاسلامية ؟؟ بعض الرويات رجعت للتاريخ القديم "الخوارج" وبعضها الى التاريخ القريب " الوهابية" لملاءمة تلك الصفة الدموية مع داعش . بينما الأمر لا يتطلب منا سوى معطيين ،الأول تاريخي ،والثاني معاصر . بالنسبة للمعطى التاريخي من المجحف واللا موضوعي ربط داعش بنموذج الخوارج كمكون ثقافي داخل الحضارة الإسلامية وإنما الأولى ربطها بالغزو المغولي بقيادة "جنكيز خان" لبغداد فهي أشبه بمرتزقته ،ولنقف عند بعض المتشابهات بين البارحة واليوم ،بين تتّر "جنكيز" و "داعش" أمريكا . من شواهد التاريخ أن جيش المغول لم يكن ليحتل كل الدول قديما لولا إتباع جنكيز "تاكتيك" المرتزقة ، وهي مجموعة عصابات هدفها ربح المال كسبب أول، ثم نقمتها على بلدها كسبب ثان .تقوم تلك العصابات بتنفيذ هجمات هدفها إضعاف جيش الدولة المحتلة وإثارة الخوف بين ساكينها من خلال تمثيلهم بالجثت وسفك دم قدر عدد كبير من الأبرياء . كذلك اليوم تفعل أمريكا ، فأكاديميتها العسكرية لا تبخل على نفسها التعلم من التاريخ (ففي برنامج قديم بثته قناة الجزيرة بعد إحتلال العراق2003 ، تحدث خبراء عسكريون عن حرب الخليج الأولى وكيف أن أمريكا طبقت بعض خطط "هنيبعل" القرطاجي في حروب الرومان ضده) .و ذلك جلي في إستعارتها لتاكتيك المغول ،المرتزقة فالقتل فالتمثيل بالجثت ،كل هذه المتواليات وجدتها في جماعات أو مرتزقة "داعش" . ما يقودنا ضمنا الى المعطى المعاصر ، ذلك أن لجوء أمريكا الى هذا المعطى التاريخي جاء ليفك عقدة متينة حالت دون إستمرارها في تقسيم الشرق الأوسط الى جديد بدلا عن القديم ، لقد إحتلت العراق وفشلت في الخروج منه وتبين أن القتل والفوضى والجماعات الارهابية والمرتزقة (black water)،التي تفجر العراق هدفها التقسيم الطائفي سنة/شيعة/ اكراد .كان سببه أمريكا . وبمجرد إنسحاب أمريكا ومرتزقتها المأجورة من العراق 2011، بدأ الربيع العربي المزيف ،فليس مصادفة تاريخ الانسحاب ببداية الثورات .ففي البداية صدقنا أنها ثورة الشعوب ولكن تبين أنها مجرد مناورة إستراتيجية هدفها إعادة تقسيم البلاد العربية وفق تخطيط أمريكي يريح اسرائيل ،وإلاّ لماذا ترّكزت في سوريا ؟و أتت بنظام مصري موالي لاسرائيل ،والدليل الحرب على غزة ؟؟ بين سورياوالعراق ستنفضح أداة التقسيم الأمريكية "داعش" أو السكين التي ستقسم الشرق الأوسط الى جديد ، ولأجل أن يسهل خلطها بقهوة الانسان العربي ، فقد وجد لها الأمريكان ثوبا نظيفا متجذرا في وعي وذاكرة الثقافة العربية-الاسلامية ، تحدد في سلفية داعش ودعوتها الى نموذج الخلافة الإسلامية ، وتطبيقها المتعجل للحدود من قطع ورجم وجلد و"صلب"،و كأن الإسلام يختزل في تطبيق الحدود ؟؟ وهنا تنبثق لنا العُدّة الإستشراقية التي تتبناها أمريكا وموالياتها من أوروبا و حليفاتها من الدول العربية ، وإلاّ مجددا لماذا قٌسِّمت و ثُوِّرت دول بينما أُستثنيت أخرى ؟؟ أخيرا قد تكون أمريكا إنتقمت ولو جزئيا لأحداث 11 شتنبر ، بإصدار نسخة مشوهة للإسلام "داعش". رداً على تنظيم القاعدة الذي عرف قادته كيف يتمردون عليها بعد الحرب الباردة ويعرقلون كل مخططاتها الإستراتيجة في الشرق الأوسط القديم .