بكبرياء وشموخ الأمازيغ يصارع المغني الكبير، عموري مبارك، المرض الذي أنهك جسده، ورمى به في إحدى مصحات الحي الحسني بالدار البيضاء، دون أن يمد يده لأحد، ولا يطلب صدقة من أحد، ولا يرجو شفقة من أحد..تماما مثل النخلة وُلدت واقفة لتعيش واقفة. كبرياء من نوع نادر قَل أن يوجد في بعض المشتغلين في الوسط الفني، الذين ما إن يَلْزمَ أحدهم فراش المرض حتى تهب وسائل الإعلام إليه، ليطلب من خلالها مساعدة فلان وعلان، بيْد أن عموري مبارك رفض حتى إشهار خبر مرضه، وفق ما قاله الشاعر محمد مستاوي لإذاعة وطنية. صاحب أغنية "جانبيي"، التي حاز بها على الجائزة الأولى للأغنية المغربية في المحمدية سنة 1989، قال لمن حوله في المصحة "أريد أن أعيش مرضي وحدي، أحاوره ويحاورني"، وذلك في عزة نفس يحسدها عليه المترامون على الأقدام وماسحو "الكابا" كما يقال. مبارك كان يبدع ويساهم في تشييد صرح الأغنية الأمازيغية في صمت دون كثير ضجيج، ولا تهافت على الظهور هناك وهناك، مثلما يجابه حاليا المرض بأنفة "دون هياط ولا مياط ولا شفاعة من قريش" كما قال أبو العلاء المعري في رسالة الغفران..لكل هذا وذاك يستحق أيقونة الأغنية الأمازيغية المعاصرة أن يحل ضيفا على نادي الطالعين بهسبريس.