موسوعة غينيس ذلك الكتاب الذي يسعى كل شخص ملأ الفراغ حياته أن يسجل رقما قياسيا بين ثنايا صفحاته المخصصة لتخزين معلومات أو تسجيل أرقام أو سوابق تحفها الغرابة وتغشاها الطرافة وتتخللها الدعابة وتميزها الندرة ، هذه الموسوعة الذائعة الصيت تأبى إلا أن تذيق الوطن الذي ننتمي إليه ونعتز بالانتساب له من كأس الخذلان مرارة لا يحس بعلقمها إلا من سهر الليالي وجد وكد في سبيل رؤية اسم المغرب الأقصى مدونا بين ثنايا الكتاب المذكور ، فالموسوعة مع كامل الأسى والأسف والحزن وباقي العبارات المأساوية والتأسفية وغيرها من حروف البكاء وجمل الوقوف على الأطلال تحاملت مع بعض الإخوة اللبنانيين غفر الله لنا ولهم على اللقب الذي حصل عليه المغرب قبل عدة أشهر والمتعلق بنسج وحياكة أكبر علم في العالم ، فجردوه من هذا اللقب عمدا حين تمكنوا الإخوة اللبنانيون من رفع أكبر علم في العالم بطول يبلغ 325 متراً وعرض يصل إلى 202 متر ... وياله من إنجاز!!! وياله من تحامل على إنجازاتنا العظمى ؟؟؟ نعم تحامل مع سبق الإصرار والترصد والتربص والتعمد ، تحامل يحمل في حمولته حملة كراهية للمغرب والمغاربة على حد سواء ، فكل من هو مغربي ، وجل ما هو مغربي لا ولن تجد له ذكرا أو إشارة في صفحات هذا الكتاب الشهير باستثناء ما فلت من الرقابة الغينينيسية طبعا ، والدليل على ما أقول ما أرى لا ما أسمع ، والبرهان حياتنا اليومية وواقعنا المعاش لا كلام الآخر وحكمه علينا من بعيد البعيد ، فنحن ولله الحمد والمنة والشكر شعب يعيش في وطن له سوابق في تحطيم الأرقام القياسية دوليا وإقليميا ، وله عزيمة تحطم كل رقم مهما صعب على النفوس تقبل تحطيمه ، وله من المؤهلات العامة والخاصة في شتى الميادين والمجالات ما يخول له التربع على عروش الأرقام المحطمة لسنين وسنين الله وحده يعلم متى تنتهي . غينيس أيها السادة الأعزاء نسى أو تناسى بأننا أول شعب يحطم الرقم القياسي في السكوت على الذل والهوان والإقصاء والتهميش الممارس ضده ، وفي تحمل ما لا يمكن لحر تحمله من بؤس وبأس وفقر وجبر وفساد بغير حسبان وإفساد بلا حدود ، وفي الرضى بمفارقات وتناقضات يستحيل على أي شعب العيش معها أو تقبل وجودها في وطنه ولو بشكل مؤقت . غينيس نسى أننا وبدون صيغ المبالغة نملك قدم السبق في الهجرة السرية ولو تم إحصاء عدد الضحايا الذين قدر على الأسماك والحيتان في أعماق البحار أن تتغذى بأجسادهم ولحومهم لكنا الرقم الأول في هذا الباب وبدون منافس ، فنحن وبالفم " المليان " أكثر شعب يفر شبابه من الوطن الذي يعيش في كنفه ليجود بروحه وجسده في سبيل أن يكتنز سمك البحر وحوته شحما ولحما ، " وإنا لله وإنا إليه راجعون " لازمة يرددها المهاجرون السريون قبل الشروع في هجراتهم السرية ليحققوا بذلك رقما آخر يخص أكثر الشعوب المرددة لهذا الدعاء / اللازمة . غينيس ربما يجهل هو أو من يشرف عليه بأننا في هذا الوطن السعيد نملك رقما لا ينافس في عدد الحكومات المشلولة التي تعاقبت على تسيير شؤون هذا البلد مذ خروج الإستعمار بكافة أنواعه من أبواب البلد إلى حين رجوعه إلينا عبر النوافذ المفتوحة على كل شيء يحيد بنا عن سكة الصواب ، حكومات فاق عدد وزرائها وزراء باقي الحكومات في العالم ، واختلفت الحقائب الموزعة على وزرائها حتى إذا انتهت الحقائب وبقيت الشخوص شاخصة أوجدنا لها في سابقة من نوعها وزارة بدون حقيبة ، وزراء أو قل حكومات مشاريعها أرقام ومنجزاتها أرقام وخطاباتها أرقام ، ولو جمعت الأرقام مع ما يرافقها من سينات التسويف وحروفه لاستحقت لوحدها أن تكتب في موسوعة غينيس لاستحالة وجود من يضاهيها في كم أرقامها في مختلف حكومات العالم . غينيس نسي أننا بلد حطم المسؤولون فيه وعليه كل الأرقام القياسية الخاصة بتجاوز والقفز على القوانين الجاري بها العمل ، ويكفي أن ينظر المرء هنا وهناك ليجد أن الأغلبية الغالبة ممن يمت بصلة إلى دوائر صنع القرار في هذا البلد لا تقيم لاحترام القانون وزنا ولا تعترف ببنوده وفصوله وحيثياته ولا ترجع إلى القانون إلا لدرء المفاسد عنها وجلب المصالح لها وبأرقام خيالية قياسية واسألوا من أطلق لفظ " البخوش " على الشرطة ، وابحثوا عمن دهس رجال الأمن بالسيارات الفارهة عند ملتقى الطرق ، وفتشوا عمن اشترى صمت المظلوم بقوته وجبروته أو ببعض ما يملك من رصيد في بنوك الخارج لتقفوا على مدى تحامل غينيس علينا وظلمه لوطننا العزيز . غينيس لو فتش عن البلد الذي يملك أكبر رقم في عدد المشتغلين في قطاع المخابرات والمتيمين بمهنة الاستعلامات والمغرمين بنقل أخبار الصغار إلى الكبار لألفى ما يفتش عنه أكبر مما يتصوره عقل أو يتقبله عاقل ، فنحن وهذا من فضل الله علينا نعيش مع أناس يسمعون ما يقال وما لا يقال ، ونتعايش مع أجهزة لا يهمها إلا تربص الدوائر بكل مناضل غيور وفاضل غير مسرور ومفكر بفكره النير يحوم حول المعارضة الحقيقية ويدور ، ولا يعنيها أن يسجل عليها بأنها تملك رقما قياسيا في الاختطافات والاعتقالات التعسفية وغير ذلك مما يندى له الجبين وتنبذه الرائع السماوية والقوانين الأرضية على حد سواء . غينيس لو بحث في العالم عن عدد التلاميذ والطلبة الناجين في مجال التعليم بميزة " ينتقل لكبر سنه " لما وجدهم إلا بين ظهرانينا ، ولو فتش عن صناعة اسمها الوهم والعبث لما ألفاها إلا ملتصقة بكراسي مسؤولينا ومكاتبهم التي تجدد مطلع كل فصل مناخي على حساب الشعب . غينيس لو نقب عن معدلات نسبة الطلاق والأمية والبؤس والانفصام في الشخصية والأرقام المحيلة على نسبة الدعارة والجريمة وأرقام المشاريع الحكومية الفاشلة وعدد المنجزات الرسمية التي لم يكتب لها النجاح ونسبة الذين يثقون في أقوال وأفعال وأيمان المسؤولين وعدد المستضعفين في أرض المغرب وكلفة بقائهم على قيد الحياة وعدد المستبدين بأرجائه مع تعداد أنواع وأشكال استبداد كل واحد منهم ، وميزانية الدولة المخصصة للشعب والميزانية المنخورة بالسرقة والنهب وغير ذلك مما ينفرد به المغرب الحبيب لما وجد إلى التحامل على هذا البلد سبيلا ، ولما أقصاه من التربع على عرش موسوعته بمثل هكذا شكل . حتى أنت يا غينيس تأبى إلا أن تزيحنا من زمرة السابقين وتبعدنا عن ركب الأولين وتنأى بنا عن خانة المتقدمين وتنسى أن المغرب الأقصى هو أول من صنع أكبر طنجية مراكشية في العالم وهو أول من صنع أكبر قصعة كسكس للعالمين وهو أول بلد يلد فيه الحزب الواحد أربعين حزبا وهو أول بلد لا يتغير فيه زعماء الأحزاب إلا نادرا ، وهو أول بلد يجعل من النقد البناء تهمة اسمها " تسفيه جهود الدولة " وهلم جرا من الويلات عفوا الأولويات التي لا دخل لغزو الفضاء فيها و لا مجال لتحكم البحوث العلمية والدراسات الأكاديمية في طريقة صنعها وإخراجها إلى أرض الواقع لجلب رقم قياسي من السياح الساخرين منا الطامعين في عرض بنات البلد وأبنائه !!! حتى أنت يا غينيس تأبى إلا أن تكون أرقامنا نشازا بين الأرقام ، وترفض أن تكون شاهدا معنا علينا ، ولا ترتضي لنا إلا أرقاما ترتبط بأسفل سافلين ، فيا لك من غينيس يا غينيس !!! ويا ليت القوم يكون فيهم عقلاء ونجباء يدركون ما وراء السطور فيتداركوا ما يمكن تداركه أمام هذا الإصرار العنيد من غينيس وأتباعه على ظلمنا وإقصائنا وتهميشنا وتشويه صورتنا في كل المحافل والملتقيات . [email protected]